الشبكة العربية تدعو إلى تعزيز الشراكات ودعم دور المجتمع المدني في الإدارة المستدامة للموارد المائية
شاركت الشبكة العربية للبيئة والتنمية «رائد» في فعاليات المؤتمر السنوي السادس للاتحاد من أجل المتوسط والاتحاد الأوروبي، حول التمويل والاستثمار في قطاع المياه، الذي استضافته القاهرة ضمن فعاليات أسبوع القاهرة الثامن للمياه، تحت عنوان «تمويل المياه: الأولويات الإقليمية ودور البنوك»، بمشاركة واسعة من الوزراء والسفراء وخبراء التمويل والمياه والتنمية المستدامة من دول الاتحاد الأوروبي ودول جنوب وشرق المتوسط.

يُعد المؤتمر أحد أبرز المنصات الإقليمية التي تجمع الحكومات ومؤسسات التمويل والقطاع الخاص والمجتمع المدني، حول هدف مشترك يتمثل في تعزيز التكامل بين السياسات المائية والاستراتيجيات التمويلية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، لاسيما الهدفين الـ6 والـ13 المتعلقين بالمياه والعمل المناخي، وجاءت مشاركة شبكة «رائد» امتدادًا لدورها الفاعل في دعم الحوار الإقليمي حول إدارة الموارد المائية في ظل التغيرات المناخية، وحرصها على نقل صوت منظمات المجتمع المدني العربية إلى طاولة النقاش الدولي بشأن قضايا المياه وتمويلها.

أكد ممثلو «رائد»، خلال الجلسات النقاشية، أن التمويل هو محور التحول من الرؤى إلى التنفيذ، وأن مواجهة تحديات ندرة المياه في المنطقة المتوسطية تتطلب شراكات متكاملة، تجمع الحكومات والقطاع الخاص والمجتمع المدني، إلى جانب مؤسسات التمويل الدولية، وشددت الشبكة على ضرورة أن تتبنى الدول العربية «آليات تمويل خضراء»، تستند إلى مبادئ الشفافية والعدالة المناخية، وأن يتم توجيه التمويل إلى المشروعات ذات الأثر البيئي والمجتمعي المباشر، مثل تحسين كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وإدارة الصرف الزراعي والصناعي، وتحلية المياه بالطاقة المتجددة، كما دعت شبكة «رائد» إلى إدماج مفهوم الترابط بين «المياه والطاقة والغذاء والأنظمة البيئية» في تصميم وتنفيذ المشروعات التنموية، باعتباره المدخل لتحقيق الأمن المائي والغذائي وتعزيز المرونة المناخية.
شهد المؤتمر، الذي افتتحه وزير الموارد المائية والري، الدكتور هاني سويلم، حضور عدد من كبار المسؤولين، بينهم السفيرة أنجلينا هيخورست، ممثلة الاتحاد الأوروبي في مصر، وغرامينوس ماسترويني، نائب الأمين العام الأول للاتحاد من أجل المتوسط، والسفير داغ يوهلين دانفيلت، سفير مملكة السويد بالقاهرة، وأشاد المتحدثون في الجلسة الافتتاحية، بالدور المحوري لمصر في دفع أجندة التمويل المستدام للمياه، وبجهودها في تفعيل التوصيات الوزارية للاتحاد من أجل المتوسط، مؤكدين أهمية الانتقال من مرحلة التخطيط إلى التنفيذ، من خلال تعبئة الموارد المالية لمشروعات قابلة للتطبيق، وذات أثر ملموس.
تضمن المؤتمر عقد جلسة وزارية، تناولت أدوار الحكومات والبنوك الوطنية في تمويل قطاع المياه، حيث أكدت المناقشات على أهمية تهيئة البيئة المؤسسية والتشريعية لجذب الاستثمار في البنية التحتية للمياه والصرف الصحي، وتبني سياسات مرنة تحفّز البنوك الوطنية والتجارية على تخصيص محافظ تمويلية خضراء لمشروعات المياه، وفي جلسات اليوم الأول، استعرض ممثلو «البنك الأهلي المصري» و«البنك التجاري الدولي» وعدد من المؤسسات المصرفية العربية، تجاربهم في دعم المشروعات المائية، فيما ركزت مداخلات المجتمع المدني، ومنها شبكة «رائد»، على ضرورة توسيع مظلة الشراكات العامة والخاصة، وتبني آليات تمويل مبتكرة، مثل السندات الخضراء، وآليات تقاسم المخاطر التمويلية.
وفي اليوم الثاني للمؤتمر، ركزت الجلسات على التمويل من أجل المرونة المائية في مواجهة التغير المناخي، حيث استعرض ممثلو المفوضية الأوروبية، والوكالة الإيطالية للتعاون من أجل التنمية، ومؤسسة «PRIMA»، وبرنامج «Interreg-Med» نماذج السياسات الأوروبية التي تدعم مشروعات المياه المستدامة في المنطقة المتوسطية، وخلال تلك الجلسات، شددت «رائد» على أن التمويل المبتكر لا يقتصر على الموارد المالية، بل يشمل بناء القدرات المحلية والمؤسسية وتبادل المعرفة والخبرة بين دول الجنوب، ودعت إلى تطوير منصات إقليمية للتعاون الفني، تسهّل الوصول إلى مصادر التمويل الدولية، وتدعم الدول النامية في إعداد مشروعات مؤهلة للتمويل.
واختتمت فعاليات المؤتمر بتوجيه مجموعة من الرسائل، تشكل إطاراً للتحرك خلال الفترة المقبلة، منها ضرورة الانتقال من مرحلة التخطيط إلى التنفيذ، بتمويل مشروعات واقعية قابلة للقياس، وتبني التمويل المدمج، الذي يجمع بين الموارد الوطنية والدعم الدولي لتعظيم الأثر، وتفعيل الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وبناء شراكات مجتمعية قادرة على دعم الاستدامة، وتطوير أدوات تمويل مبتكرة، تشمل السندات الخضراء، وصناديق المخاطر المشتركة، وآليات الدفع مقابل الخدمات البيئية، وبناء قدرات مؤسسية قوية، لضمان كفاءة إدارة المشروعات واستدامتها.