مصر تستضيف المنتدى الإقليمي لأصحاب المصلحة حول البيئة والمناخ في منطقة المتوسط

منصة إقليمية لتوحيد الجهود نحو الاستدامة.. وممارسات قادرة على مواجهة تداعيات التغيرات المناخية

في خطوة جديدة تعزز الدور المصري الريادي في قضايا البيئة والحد من التغيرات المناخية على المستويين الإقليمي والدولي، استضافت الشبكة العربية للبيئة والتنمية «رائد» المنتدى الإقليمي لأصحاب المصلحة في البحر الأبيض المتوسط حول البيئة والعمل المناخي، والذي عقد في القاهرة خلال الفترة من 21 إلى 23 أكتوبر 2025، تحت شعار «تحقيق التحول السلوكي المنشود: لقاء منظمات المجتمع المدني والبرلمانيين والصحفيين ومنظمات المرأة والشباب وغيرهم من الفاعلين في القاهرة».

جاء المنتدى بتنظيم مشترك بين مشروع «دعم المياه والبيئة – التنوع البيولوجي والعمل المناخي WES-BCA»، وبرنامج البحر الأبيض المتوسط «(MedProgramme» وبدعم من الاتحاد الأوروبي، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة/ خطة عمل البحر المتوسط «UNEP/MAP»، بمشاركة واسعة من ممثلي المجتمع المدني والبرلمانيين والصحفيين والنساء والشباب والخبراء والأكاديميين من مختلف دول المتوسط.

استهل المنتدى أعماله بجلسة افتتاحية رفيعة المستوى، تحدث فيها كل من الدكتور مايكل سكولوس، منسق مشروع «WES-BCA»، والسيدة تاتيانا هيما، منسقة برنامج الأمم المتحدة للبيئة/ خطة عمل المتوسط، والدكتور محمود فتح الله، رئيس الأمانة الفنية لمجلس الوزراء العرب المسؤولين عن شؤون البيئة، وأكد المتحدثون أن منطقة البحر الأبيض المتوسط تشهد ارتفاعًا في درجات الحرارة بمعدل يفوق المتوسط العالمي بنسبة 20%، وهو ما يستدعي تحركًا عاجلًا لتغيير السلوكيات الفردية والمؤسسية، وتبني ممارسات مستدامة قادرة على مواجهة تداعيات تغير المناخ.

وأوضح المشاركون أن المنتدى يأتي في وقت بالغ الأهمية، إذ تواجه المنطقة تحديات بيئية متفاقمة، تشمل ندرة المياه، وتدهور الموارد الطبيعية، وفقدان التنوع البيولوجي، مما يهدد سبل العيش والأمن الغذائي والمائي لملايين المواطنين، ومن هذا المنطلق، شكّل الحدث منصة إقليمية للحوار وتبادل الخبرات، وبناء الشراكات بين مؤسسات المجتمع المدني وصناع القرار، والمبادرات الشبابية والإعلامية، كما ركز المنتدى على دعم القدرات المؤسسية والفنية للفاعلين في مجالات البيئة والمناخ والمياه والتنوع البيولوجي، وتمكين الجهات غير الحكومية من الانخراط الفاعل في رسم السياسات العامة، كما ناقش المشاركون سبل تعزيز التكامل بين القطاعات، عبر نهج الترابط بين «المياه والطاقة والغذاء والنظم البيئية».

تركزت محاور المنتدى الإقليمي لأصحاب المصلحة حول البيئة والعمل المناخي في منطقة المتوسط حول بناء توافق مجتمعي متوسطي حول التحول نحو أنماط حياة مستدامة، وتعزيز قدرات منظمات المجتمع المدني وتمكينها من التأثير في السياسات البيئية، ودعم تحقيق أهداف التنمية المستدامة وأجندة الاتحاد من أجل المتوسط، وإدماج مخرجات المنتدى ضمن التحضيرات لمؤتمر الأطراف الـ24 لاتفاقية برشلونة «COP24»، المقرر عقده في القاهرة بنهاية العام الجاري.

وعلى مدار ثلاثة أيام، جمعت الجلسات النقاشية ممثلين من مؤسسات دولية وإقليمية، من بينها الاتحاد الأوروبي، والاتحاد من أجل المتوسط، وجامعة الدول العربية، إضافة إلى الشبكة العربية للبيئة والتنمية «رائد»، حيث استعرض الخبراء، في الجلسة الأولى، الأدلة العلمية والاتجاهات الناشئة بشأن تأثيرات التغير المناخي في حوض المتوسط، مؤكدين أن التعاون الإقليمي وتبادل البيانات والممارسات الجيدة، هو السبيل لتطوير خطط تكيف وطنية أكثر فعالية.

أما الجلسة الثانية، والتي شارك فيها الدكتور عماد عدلي، منسق عام شبكة «رائد»، فركزت على الأطر والسياسات الإقليمية، وأكد «عدلي» على أهمية الدور الذي تلعبه منظمات المجتمع المدني في تنفيذ الاتفاقيات البيئية الدولية على المستوى المحلي، ودفع الحكومات نحو إجراءات عملية في مواجهة تحديات المناخ، فيما عرضت أليساندرا سينسي، من الاتحاد من أجل المتوسط، أبرز إنجازات «الأجندة الخضراء للمتوسط»، التي تمثل خريطة طريق للتحول البيئي في المنطقة.

وشهدت جلسة «الترابط بين الماء والطاقة والغذاء والنظم البيئية – WEFE Nexus»، مشاركة مؤسسات كبرى مثل «GWP-Med»، و«WWF شمال أفريقيا»، و«MedCities»، والبنك الأوروبي للاستثمار وMedECC، التي عرضت نماذج تكاملية ناجحة لإدارة الموارد الطبيعية، بينما تضمنت جلسة حول «التعليم من أجل التنمية المستدامة»، مشاركة الأستاذة غادة أحمدين، ممثلة عن شبكة «رائد»، إلى جانب خبراء من فلسطين والمغرب ولبنان والجزائر.،وأكدت المداخلات أهمية دمج مفاهيم الاستدامة في التعليم الرسمي وغير الرسمي، لإيجاد حالة من الوعي البيئي المتجذر في الأجيال القادمة.

وتضمن المنتدى جلسة حول دور الإعلام في تشكيل السلوك المناخي، ضمت مجموعة من الصحفيين من مصر ولبنان والأردن ودول شمال أفريقيا، واتفق المشاركون على ضرورة تطوير الصحافة العلمية البيئية وتعزيز الثقة بين الإعلاميين والجمهور عبر التغطية الدقيقة والمسؤولة، كما عقدت جلسة بعنوان «أزمة البلاستيك»، أدارها الدكتور عماد عدلي، والدكتورة توماي فلاخوغيانّي، شهدت عرض تجارب من المغرب وتونس ولبنان في تطبيق سياسات الاقتصاد الدائري، والحد من البلاستيك أحادي الاستخدام، كما تناولت جلسات أخرى دور البرلمانيين، وحماية التنوع البيولوجي، وتمكين المرأة، والفضاء المدني والتحول الرقمي، كعناصر داعمة لمسار الاستدامة في المنطقة.

وفي ختام أعماله، التي استمرت على مدار 3 أيام، خلص المنتدى الإقليمي لأصحاب المصلحة حول البيئة والعمل المناخي في البحر المتوسط، إلى مجموعة من التوصيات، من المتوقع أن تسهم في توجيه أجندة العمل المناخي في المنطقة خلال المرحلة المقبلة، أبرزها دمج التحول السلوكي في السياسات البيئية والتعليمية لدول المتوسط، وتعزيز أنظمة الرصد البيئي والبيانات المشتركة بين الدول الأعضاء، ودعم المبادرات الشبابية والمحلية في مجالات المياه والطاقة والغذاء، بالإضافة إلى إدماج النوع الاجتماعي في جميع برامج البيئة والمناخ، وتمكين المرأة في مواقع القيادة البيئية.

تعكس استضافة الشبكة العربية للبيئة والتنمية «رائد» لهذا المنتدى الإقليمي الهام، ثقة المؤسسات الدولية والإقليمية في الدور المصري كمنصة للحوار والعمل الجماعي من أجل بيئة متوسطية أكثر استدامة وعدالة، خاصةً وأن غالبية المشاركين في المنتدى أكدوا أن ما تحقق في القاهرة سيكون نقطة انطلاق نحو رؤية مشتركة لمستقبل يقوم على الوعي البيئي، والتعاون العابر للحدود، والالتزام الحقيقي بمبادئ التنمية المستدامة.