استثمارات بـ40 مليار دولار والتزامات سياسية وبرامج طموحة بمشاركة كافة الأطراف
بإعلان المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة أن النساء ما زلن «جالسات في الممرات فيما الرجال بالداخل على طاولة مفاوضات السلام»، اختتم منتدى «جيل المساواة» التاريخي أعماله في العاصمة الفرنسية باريس، الأسبوع الماضي، بالتزامات جديدة مصممة لمعالجة هذه المسألة وغيرها من «أشكال الظلم» الواقعة على النساء في مختلف أنحاء العالم.
وفي ختام المنتدى، الذي جاء انعقاده في وقت حرج، حيث يعمل العالم على تقييم الأثار المدمرة لجائحة «كوفيد-19» على النساء والفتيات، تم التعهد بتقديم ما يقرب من 40 مليار دولار كاستثمارات جديدة، فضلاً عن التزامات سياسية وبرامج طموحة من الحكومات والمجتمع المدني وغيرها، للمساعدة في دعم خطة عمل عالمية جديدة، مدتها 5 سنوات لتسريع التكافؤ الحقيقي بين الجنسين بحلول عام 2026.
وبينما قالت بومزيلي ملامبو-نوكا، المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، إن «منتدى جيل المساواة يمثل تحولاً إيجابياً وتاريخياً في السلطة ووجهات النظر»، فقد انتهز دعاة المساواة بين الجنسين الفرصة للضغط من أجل خطط تحفيز وتعافٍ مراعية للمنظور الجنساني، لضمان عدم تخلف النساء والفتيات عن الركب، أثناء إعادة بناء العالم.
التزامات في الوقت المناسب
وتمثل الاستثمارات البالغة 40 مليار دولار خطوة كبيرة في توفير الموارد لحقوق النساء والفتيات، حيث كان الافتقار إلى التمويل سبباً رئيسياً لبطء التقدم في تعزيز المساواة بين الجنسين، وفي سن جدول أعمال حقوق المرأة في مؤتمر بيجين لعام 1995، وفقا لهيئة الأمم المتحدة للمرأة.
والتزمت الحكومات ومؤسسات القطاع العام بإنفاق 21 مليار دولار على استثمارات المساواة بين الجنسين، فيما التزم القطاع الخاص بتقديم 13 مليار دولار، والمؤسسات الخيرية بـ4.5 مليار دولار، وتعهدت كيانات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والإقليمية بتقديم ما مجموعه 1.3 مليار دولار.
وقالت رئيس هيئة الأمم المتحدة للمرأة إن «النظام الإيكولوجي للشركاء في المنتدى، والاستثمارات والالتزامات والطاقة، التي يقدمونها لمواجهة أكبر العوائق التي تحول دون المساواة بين الجنسين، ستضمن تقدماً للنساء والفتيات في العالم، أسرع مما شهدناه من قبل».
نهج متعدد الأطراف
وقدمت العديد من المنظمات التزامات قوية في مجال السياسات والبرامج، بما في ذلك 440 منظمة من منظمات المجتمع المدني و94 منظمة يقودها الشباب.
وفي استضافة الحدث، قالت السفيرة الفرنسية والأمين العام للمنتدى، دلفين أو، إن المنتدى «عكس الأولويات على جدول الأعمال الدولي، وجعل المساواة بين الجنسين، التي تم التقليل من شأنها لفترة طويلة، قضية طويلة الأجل أمام المجتمع الدولي، إلى جانب المناخ والتعليم والصحة»، وأكدت أن فرنسا ستظل في الطليعة لتسريع التقدم في مجال المساواة بين الجنسين.
النساء محط ثقة لتحقيق السلام
وأكدت سفيرة النوايا الحسنة لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، الممثلة الأمريكية آن هاثاواي، التزامها الشخصي بالاستمرار في أن تكون مناصرة عالمية للتغييرات القانونية والسياسية، التي من شأنها تمكين النساء والرجال على حد سواء، بهدف «بدء التوزيع المتساوي لمسؤوليات الرعاية، التي ستساعد في تغيير عالمنا».
كما قدمت سفيرة الولايات المتحدة السابقة لدى الأمم المتحدة، سامانثا باور، التي ترأس الآن وكالة التنمية الدولية الأمريكية، رسالة بسيطة، مسترشدة بعقود من الأدلة، قائلة: «إذا كنتم تريدون السلام في هذا العالم، فثقوا بالنساء لتحقيقه».
وقالت سفيرة النوايا الحسنة للاتحاد الأفريقي المعنية بإنهاء زواج الأطفال، نيارادزاي جومبونزفاندا: «هذا الأسبوع، استعدت تجربة عام 1995، عندما كنت ناشطة شابة في مجال حقوق المرأة في مؤتمر بيجين»، وأضافت: «حان الوقت الآن للاستثمار في الفتيات والشابات بشكل أكبر، من أجل أن تصل الموارد إلى المجتمعات الريفية والمهمشة، من أجل تكنولوجيا للصالح العام ومتاحة للجميع، من أجل مساءلة أكبر للدول الأعضاء تجاه حقوق الإنسان للنساء والفتيات».
أخذ زمام المبادرة
وعلى مدى الأيام الثلاثة الماضية، جمع المنتدى ما يقرب من 50 ألف شخص في لقاء افتراضي بشكل أساسي، للنهوض السريع في العدالة بين الجنسين، وأطلق خطة تسريع عالمية للمساواة بين الجنسين، صممتها 6 تحالفات وشراكات، حددت الإجراءات الأكثر أهمية المطلوبة لتحقيق المساواة بين الجنسين، بدءاً من العنف القائم على النوع الاجتماعي، والتكنولوجيا، إلى العدالة الاقتصادية والمناخية.
كما أطلق المنتدى ميثاقاً بشأن المرأة والسلام والأمن والعمل الإنساني، وأعلن عن مبادرات جديدة للمساواة بين الجنسين، تركز على الصحة والرياضة والثقافة والتعليم، فيما ستحافظ هيئة الأمم المتحدة للمرأة على دورها الحاسم في قيادة خطة عمل المنتدى الخمسية، والإشراف على تنفيذ الالتزامات لضمان المساءلة والتقدم.
وقالت المديرة التنفيذية للهيئة، ملامبو-نوكا، في ختام أعمال منتدى «جيل المساواة» التاريخي: «لقد اجتمعنا معاً عبر قطاعات مختلفة من المجتمع، من الجنوب إلى الشمال، لنصبح قوة هائلة، وعلى استعداد لفتح فصل جديد في المساواة بين الجنسين».