موجة جفاف غير مسبوقة تدفع مليون شخص للنزوح من أماكن معيشتهم بالصومال

موجة جديدة من تقلبات الطقس الناجمة عن التغيرات المناخية ضربت عدة دول في منطقة الشرق الأوسط مؤخراً، تباينت بين سيول وفيضانات جارفة تسببت في مصر المئات وتشريد الملايين وتدمير آلاف المنشآت والبنية التحتية في كل من السودان واليمن، في الوقت الذي تتعرض فيه الصومال لموجة جفاف غير مسبوقة، دفعت ما يقرب من مليون شخص إلى النزوح من أماكن معيشتهم.

وبحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا»، فإن الفيضانات الناجمة عن الأمطار الغزيرة، التي تتعرض لها السودان منذ مايو الماضي، تسببت في تشريد نحو 136 ألف شخص، حتى منتصف شهر أغسطس الجاري، فيما أكد المجلس الوطني للدفاع المدني وعدد من المنظمات الإنسانية العاملة في المناطق المتضررة، مصرع ما لا يقل عن 52 شخصاً وإصابة نحو 25 آخرين.

وتضمن بيان مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية أن أكثر الولايات تضرراً هي ولاية وسط دارفور، حيث تسببت الفيضانات في أضرار لنحو 38 ألف نسمة، وولاية جنوب دارفور، بواقع حوالي 29 ألف نسمة، وولاية النيل بنحو 16 ألف نسمة، وغرب دارفور 15 ألف و500 نسمة، والنيل الأبيض 14 ألف نسمة، ثم ولاية غرب كردفان بحوالي 6 آلاف نسمة، وجنوب كردفان 6 آلاف نسمة، وشمال كردفان 4 آلاف و400 نسمة، وشرق دارفور 4 آلاف نسمة، وسنار أكثر من 3 آلاف نسمة.

كما لفت البيان إلى أنه بالمقارنة مع الفترة نفسها من عام 2021، فقد تضاعف عدد السكان والمناطق المحلية المتضررة هذا العام، حيث سجل العام الجاري تضرر أكثر من 460 ألف شخص بالفيضانات في مختلف الولايات السودانية، وفقاً لما أظهرت خطة الاستجابة لحالات الطوارئ في السودان، كما تضررت المباني العامة والشركات والأراضي الزراعية، حيث دمرت الأمطار الغزيرة والفيضانات حوالي 9 آلاف منزل، وألحقت أضراراً واسعة بما يقرب من 21 ألف منزل في 12 ولاية.

وأفادت تقارير المنظمات الإنسانية العاملة في الولايات السودانية المتضررة بأن الفيضانات أثرت على 238 مرفقاً صحياً، كما تضرر أو جُرف 1560 مصدراً للمياه، وأكثر من 1500 مرحاض، مشيرةً إلى أنه في عام 2021، تأثر حوالي 315 ألف شخص في جميع أنحاء السودان، بينما بلغ متوسط المتضررين بين عامي 2017 و2021، نحو 389 ألف شخص سنوياً.

وعادة ما تتعرض الولايات السودانية لأمطار غزيرة بين شهري مايو وأكتوبر من كل عام، وغالباً ما يواجه فيضانات شديدة في مثل هذا الوقت سنوياً، بينما يبدأ موسم الأمطار في السودان عادةً في شهر يونيو، ويستمر حتى سبتمبر، مع مراقبة ذروة هطول الأمطار والفيضانات بين أغسطس وسبتمبر.

وفيما يتعلق بالوضع في اليمن، فقد أفادت منظمة الصحة العالمية بوفاة 77 شخصاً على الأقل، بينهم أطفال، في محافظات البيضاء وعمران وذمار وحجة ومأرب وصنعاء، بسبب الفيضانات التي تجتاح البلاد، منذ منتصف يوليو الماضي، كما أشارت المنظمة، نقلاً عن السلطات المحلية، إلى تأثر ما يزيد على 35 ألف أسرة، في 85 مديرية، على امتداد 16 محافظة، نتيجة الأمطار الغزيرة، التي تسبب في أضرار بالغة بمواقع النزوح والبنية الأساسية، بما في ذلك إمدادات المياه والخدمات العامة والممتلكات.

وأوضحت منظمة الصحة العالمية، في بيان، أنها استجابت سريعاً لاحتياجات المجتمعات المحلية المتضررة من الفيضانات في اليمن، حيث قدمت احتياجات صحية ومستلزمات مختبرات، ودعمت فرق الطوارئ المتخصصة، والبعثات الميدانية المشتركة، جنباً إلى جنب مع السلطات الصحية الوطنية، وغير ذلك من الشركاء في مجال العمل الإنساني.

ولفتت المنظمة إلى أن الدعم المقدم للسلطات الصحية في اليمن يتمثل في تجهيز 4 فرق طوارئ متخصصة، و6 سيارات إسعاف ميدانية، وإنشاء 34 نقطة للكشف المبكر عن الأوبئة في محافظة مأرب، حيث تسببت الأمطار في تدمير ملاجئ الآلاف من الأسر النازحة، مما يجعلها واحدة من أكثر المحافظات تضرراً، كما أرسلت المزيد من الإمدادات الصحية المخصصة للطوارئ، إلى فرق الاستجابة السريعة بالمحافظات المتضررة، ومنها محافظات حجة والمحويت وريمة.

وعلى عكس الأمطار الغزيرة والفيضانات التي تشهدها عدة دول في المنطقة، حذرت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين والمجلس النرويجي للاجئين من أن موجة الجفاف التي تضرب الصومال، منذ يناير من العام الماضي، بلغت مستويات غير مسبوقة، وتسببت في نزوح ما يقرب من مليون شخص من مناطقهم وأماكن معيشتهم.

ووفقاً للمجلس النرويجي للاجئين، فقد نزح أكثر من 755 ألف شخص داخلياً في الصومال بسبب الجفاف الشديد هذا العام، وبهذا يصل العدد الإجمالي للنازحين إلى مليون شخص، منذ يناير 2021، عندما بدأت موجة الجفاف غير المسبوقة في الدولة العربية الواقعة بمنطقة القرن الأفريقي، في ظل توقعات باستمرار احتجاب الأمطار للموسم الخامس على التوالي، الأمر الذي يهدد بتشريد المزيد من العائلات، فضلاً عن شبح المجاعة، الذي يلوح في الأفق.

وقال محمد عبدي، مدير المجلس النرويجي للاجئين في الصومال: «يطارد الجوع الآن البلد بأكمله، نحن نشهد المزيد والمزيد من العائلات التي أُجبِرت على ترك كل شيء وراءها، لأنه لم يتبق في قراها أي ماء أو طعام، هناك حاجة ماسة إلى زيادة تمويل المساعدات قبل فوات الأون».