اتفاقية التنوع البيولوجي
نظراً لأن الموارد البيولوجية تلعب دوراً حيوياً للتنمية البشرية والاجتماعية والاقتصادية، فقد حظي التنوع البيولوجي باعتراف دولي متزايد، باعتباره يشكل قيمة عالمية ضخمة للأجيال الحالية والمستقبلية، في الوقت الذي تواجه فيه الأنظمة الإيكولوجية تهديدات غير مسبوقة، نتيجة الأنشطة البشرية، التي تسببت في انقراض كثير من الأنواع بصورة مقلقة.
وفي محاولة لمواجهة هذه التهديدات، دعا برنامج الأمم المتحدة للبيئة، في نوفمبر 1988، إلى إنشاء فريق دولي من الخبراء لصياغة اتفاقية دولية حول التنوع البيولوجي، وفي مايو من العام التالي، شكل البرنامج فريقاً من المختصين في الشؤون التقنية والقانونية، بهدف إعداد صك قانوني دولي لحفظ التنوع البيولوجي، واستخدامه على نحو مستدام، مع التأكيد على مراعاة الحاجة إلى “تقاسم التكاليف والمنافع” بين البلدان المتطورة والنامية، وإيجاد وسائل وسبل لدعم الابتكار من قبل المجتمعات المحلية.
وبحلول فبراير 1991، أصبح فريق الخبراء معروفاً باسم “لجنة التفاوض الحكومية الدولية”، وقد توج هذا الفريق ذروة أعماله في 22 مايو 1992، في مؤتمر نيروبي، باعتماد النص المتوافق عليه لاتفاقية التنوع البيولوجي، وتم فتح باب التوقيع على الاتفاقية يوم 5 يونيو 1992، أثناء انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة والتنمية في مدينة “ريو دي جانيرو” البرازيلية، المعروف باسم “قمة الأرض”، وظل الباب مفتوحاً حتى 4 يونيو من العام التالي.
وخلال تلك الفترة، التي امتدت إلى سنة كاملة، حظيت اتفاقية التنوع البيولوجي بتوقيع 168 دولة، وارتفع عدد الموقعين عليها، حتى الآن، إلى 196 طرفاً، ودخلت الاتفاقية حيز التنفيذ في 29 ديسمبر 1993، بعد 90 يوماً من تصديق 30 طرفاً عليها، وتم تحديد الجلسة الأولى لمؤتمر الأطراف في الفترة من 28 نوفمبر إلى 9 ديسمبر من عام 1994 في “ناساو” بجزر البهاما.
وقد شكلت الاتفاقية خطوة نوعية في حفظ التنوع البيولوجي، والاستخدام المستدام لمكوناته وعناصره، والمشاركة العادلة والمنصفة للمزايا الناجمة عن استغلال الموارد الجينية، وتسعى الاتفاقية إلى معالجة جميع الأخطار التي تهدد التنوع البيولوجي وخدمات النظم الإيكولوجية، بما في ذلك التهديدات الناجمة عن تغير المناخ، من خلال التقييمات العلمية، وتطوير الأدوات والحوافز والعمليات، ونقل التكنولوجيات والممارسات الجيدة، والمشاركة الكاملة والفعالة من جانب أصحاب المصلحة المعنيين، والمجتمعات المحلية، والشباب، والمنظمات غير الحكومية، والمرأة، ومجتمع الأعمال التجارية.
وتتضمن الاتفاقية بروتوكولين مكملين لها، هما بروتوكول قرطاجنة بشأن السلامة الأحيائية، وبروتوكول ناغويا بشأن الحصول وتقاسم المنافع، حيث يسعى بروتوكول قرطاجنة، الذي دخل حيز التنفيذ في 11 سبتمبر 2003، إلى حماية التنوع البيولوجي من المخاطر المحتملة التي تشكلها الكائنات الحية المحورة الناجمة عن التكنولوجيا الأحيائية الحديثة، وبلغ عدد الأطراف التي صادقت عليه، حتى الآن، صدق 171 طرفاً، أما بروتوكول ناغويا فيهدف إلى تقاسم المنافع الناشئة عن استخدام الموارد الجينية بطريقة عادلة ومنصفة، بما في ذلك عن طريق الوصول المناسب إلى الموارد الجينية، ونقل التكنولوجيات الملائمة على نحو ملائم، ودخل حيز النفاذ في 12 أكتوبر 2014، وصادق عليه 105 أطراف حتى الآن.