من بين حوالي 55 مليون حالة إصابة بفيروس «كوفيد-19» على مستوى العالم، كشفت تقديرات منظمة الصحة العالمية أن عدد المصابين المسجلين في المنطقة العربية، يبلغ أكثر من 3 ملايين و600 ألف حالة، في الوقت الذي حذرت فيه المنظمة من أن العدد الفعلي قد يكون أعلى من ذلك بكثير، الأمر الذي يثير كثيراً من القلق بشأن تزايد معدلات الإصابة والوفيات الناجمة عنها.

وفي مؤتمر صحفي بالعاصمة المصرية القاهرة، الخميس 19 نوفمبر الجاري، كشف الدكتور أحمد المنظري، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في منطقة شرق المتوسط، النقاب عن أن ثلاثة بلدان أبلغت عن أكثر من 60% من جميع الحالات خلال الأسبوع الماضي، وهي إيران والأردن والمغرب، ولا تزال عدة بلدان أخرى تشهد زيادة في عدد الحالات، ومن بينها لبنان وباكستان، ومن البلدان التي سجّلت أكبر زيادة في الوفيات، الأردن وتونس ولبنان.

وقال المدير الإقليمي للمنظمة: «تشير هذه الاتجاهات مرّة أخرى إلى أننا بحاجة إلى نهج شامل للتعامل مع جائحة كوفيد-19، ويشمل ذلك مواصلة تعزيز تدابير الصحة العامة التي ثبتت جدواها، والتقيّد المستمر بتدابير الحماية الشخصية التي نعرف فائدتها، وتطبيق التدابير الاجتماعية المختارة والموجّهة نحو هدف محدد، مثل حظر الخروج».

ومن المُلاحظ، بحسب الدكتور أحمد المنظري، عدم تطبيق التدابير الوقائية المفيدة في الإقليم تطبيقاً كاملاً، ومنها استخدام الكمامات، ولا يلتزم الناس بالتباعد البدني بصرامة، علما بأن ذلك هو أحد أكثر الطرق فعالية لمنع انتقال المرض، كما تلاحظ منظمة الصحة العالمية في العديد من البلدان تدهوراً مقلقاً في الالتزام بهذه التدابير وغيرها من تدابير الصحة العامة.

وأشار إلى أن ارتفاع معدل الإصابات التي يشهدها الإقليم تنجم عن تخفيف إجراءات حظر الخروج والقيود المفروضة، التي نجحت في مكافحة الجائحة خلال شهري يوليو وأغسطس الماضيين، وأضاف قائلاً: «حظر الخروج وحده يمكن أن يحدّ من انتقال العدوى إلى حدّ معيّن، وبمجرد إعادة فتح البلدان والمجتمعات، سينتشر المرض إذا لم تواصل الحكومات التنفيذ الفعال لتدخلات الصحة العامّة التي أثبتت فعاليتها، وإذا لم يلتزم الناس بتدابير الوقاية الشخصية بصرامة».

وقال المدير الإقليمي لمنطقة شرق المتوسط إن البلدان قد تحتاج لاتخاذ قرارات صعبة، وتطبيق تدابير أكثر صرامة، وأضاف بقوله: «رسالتي لإقليم شرق المتوسط: إن هذا ليس الوقت المناسب للاسترخاء»، مشيراً إلى ضرورة الاستفادة من الدروس في آسيا، حيث تتراجع أعداد الإصابات بـ«كوفيد-19» بصورة مطردة، وتابع قائلاً إن «ذلك يخبرنا بأن تعزيز تدابير الصحة العامة، ومشاركة المجتمعات المحلية، هما أكثر الطرق فعالية لاحتواء انتشار الفيروس، وقد أكدّنا على هذا الأمر مراراً وتكراراً».

وأوضح أنه تم تشكيل فريق عمل وزاري للاستفادة من الدروس في البلدان خلال الشهور التسعة الماضية، وتقديم التوصيات الرئيسية إلى البلدان، في الوقت الذي تقوم فيه بتكييف استراتيجياتها وتنقيحها، وسينطوي ذلك أيضاً على مزيد من التنسيق من جانب البلدان التي تشترك في الحدود.

وتطرق «المنظري» إلى الأنباء المتداولة في الفترة الأخيرة عن احتمالية توفير لقاح واحد أو أكثر ضد «كوفيد-19»، معتبراً أنها تعطي العالم «بارقة أمل»، ولكنّه أكد أن «اللقاح ليس الحل السحري لإنهاء هذه الجائحة»، مؤكداً أنه «لا يزال هناك خطر لانتقال الفيروس من الأشخاص الحاملين له إلى الآخرين، حتى يحصل الجميع على اللقاح الفعّال».

وحذر المسؤول الأممي من أنه «إذا لم نتحرّك الآن، فسيتجرّع ملايين من الناس مرارة فقدان أحبّائهم، كما حدث بالفعل مع ملايين الناس الآخرين»، وتابع قائلاً: «لا يمكننا، ولا ينبغي علينا، أن ننتظر حتى يتوفر لقاح مأمون وفعّال للجميع بسهولة، لأننا ببساطة لا نعرف متى سيحدث ذلك».

وحتى الآن، أصيب ما يزيد على ثلاثة ملايين شخص بعدوى «كورونا»، وتوفى أكثر من 76 ألف شخص، في إقليم شرق المتوسط خلال الأشهر التسعة الأولى من تفشي الجائحة، وهو ما دفع المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمي لمنطقة شرق المتوسط، إلى الدعوة لمعالجة التصدّعات التي ظهرت في نظم الرعاية الصحية، لمنع حدوث ذلك مرة أخرى.

واختتم بقوله إن «النظم الصحية في إقليم شرق المتوسط تجد صعوبة، بصرف النظر عن مستوى تطورها، في مواجهة حالات الإصابة المتزايدة، ويكافح العاملون الصحيون في الخطوط الأمامية نفسياً وبدنياً، كما تضرر المرضى الذين يعانون من أمراض أخرى، تتطلب رعاية طبية وعلاجاً، حيث تمتلئ أسرّة المستشفيات ووحدات العناية المركزة«.