صمم رائد أعمال لبناني شابّ تطبيقاً على الهواتف المحمولة، يختص بإعادة التّدوير، أطلق عليه عنوان (Live, Love, Recycle)، بين من خلاله أن الوصول إلى حلول جديدة لمشاكل مطروحة منذ زمن طويل من شأنه أن يحدث تغيرات جذرية في المجتمع، وبدعم من العديد من البرامج الممولة من الاتحاد الأوروبي، أصبح «جورج بيطار» رائداً في الدفع نحو التوعية والعمل من أجل حماية البيئة في المتوسّط.

بعد أن قضى سنوات في أفريقيا، عاد جورج بيطار إلى لبنان ليتبين الوضع الكارثي لإدارة النفايات في بلاده، حيث تسبب إغلاق أهم مصب للنّفايات في جنوب بيروت سنة 2015، في تراكم أكوام من القمامة في الشوارع والأودية والأنهار، مما أثار نقاشاً محتدماً على المستوى الوطني، ليبدأ الشاب، ومعه فريق صغير، في تجميع وفرز النفايات لإعادة تدويرها في مصانع إعادة التدوير القليلة في البلاد.

تحدث الشاب اللبناني عن تجربته بقوله: «عندما اطّلعت على الوضع، كان لا بد لي لن أفعل شيئاً، لم يكن معي الكثير من الأموال، لكن ذلك خلق لدي هدفاً أريد تحقيقه، وقررت البحث بنفسي عن التمويلات كمبادرة شخصية أقوم بها لصالح بلدي»، ولكنه سرعان ما واجه وحدة من أكبر الصعوبات، فمع تضاعف كميات النفايات، كان عليه أن يجد طريقة لنقلها نحو المصبات، ففكر في أكثر السبل التي يعرفها، ألا وهي منظومة «أوبر»، وقال في هذا الصدد: «لم يكن الهدف يتمثّل في التّرويج للتطبيق، بل للعمل مع الغير، وسريعاً ما أصبح هاشتاغ (#UberRecycle) معروفاً للجميع، وبعد مرور ثلاثة أسابيع، فاق الطّلب طاقتنا، ولم يعد التّطبيق قادراً على معالجتها جميعاً».

وبدعم من المؤسسة المجتمعية (Live Love Lebanon)، التي تعمل على بناء المجتمعات المحلية وإحداث الأثر الايجابي على مستوى الطّبيعة والمجتمع والثقافة، أطلق جورج مبادرته (Live, Love, Recycle)، التي لفتت انتباه العديد من الشركاء الدوليين، على غرار برنامج الأغذية العالمي للأمم المتحدة، والمنظمة غير الحكومية الفرنسية للتضامن الدولي (ACTED)، والوزارة الفدرالية الألمانية للتعاون الاقتصادي والتنمية.

وبفضل التمويلات التي حصل عليها، تمكن جورج من اقتناء أسطول من المركبات الكهربائيّة، يضم 55 دراجة كهربائية و4 عربات توكتوك وشاحنة، وفي أبريل 2018، كان التطبيق جاهزاً لينطلق في العمل تحت عنوان «لا إشكال بعد اليوم لا في العنوان ولا في التوقيت، بنقرة واحدة تصلك دراجة نارية لتجميع نفاياتك»، وعرفت المبادرة نجاحاً سريعاً بعد أن تم التّرويج لها على قنوات التواصل الاجتماعي الخاصة بالمؤسسة المجتمعية (Live Love Beirut)، وفي غضون أسبوع من إطلاقه، احتل التطبيق المركز الأول ضمن أكثر التطبيقات التي يجري تحميلها على الهواتف في لبنان.

وعن نجاح تجربته، قال جورج: «كنا نعرف أن الحاجة ماسة لهذا العمل، لكننا لم نكن نعتقد أن الناس سيتفاعلون بهذه الدرجة من الإيجابية»، ويُعزى هذا النّجاح إلى بساطة التطبيق، مما جعله متاحاً للجميع، حيث يشرح بوضوح طريقة إعادة التدوير، وأوضح بقوله: «عادةً ما يرفض الناس بذل جهود لإعادة التدوير، لأنهم غير متمكنين من عملية الفرز، إذ يشعرون بالإرباك فيما يتعلّق بالمواد التي يجب فرزها، وكيف يتم ذلك الأمر، لذلك حرصنا على استخدام التطبيق وقنوات التواصل الاجتماعي الخاصة بنا، لتقاسم المعلومات حول ما يمكن أن نعيد تدويره، لتبسيط العملية».

لم تتوقف عملية التثقيف ورفع الوعي هنا، بل عمل جورج على تأمين استدامة مبادرته، من خلال اطلاع السكان على عاداتهم الاستهلاكية، في إطار ورشات توعوية أسبوعية، ينظّمها مع المؤسسات والمنظمات المحلية، وقال في هذا الصدد: «بينما تعمل العديد من منشآت إعادة التدوير بنسبة 40% من طاقتها، فالحل بالنسبة لنا لا يقتصر على إعادة التدوير، بل لابد من الحد في النفايات من المصدر».