اللاجئون لقمة سائغة لعصابات الإتجار بالبشر بسبب قيود السفر وتقطع السبل بملايين المهاجرين

مرافق إيواء مكتظة ومخيمات مؤقتة تفتقر أدنى الخدمات الصحية والمياه النظيفة والصرف الصحي

شهد عام 2020 تحديات جديدة واجهها اللاجئون والمهاجرون، أبرزها المخاطر المتزايدة للإصابة بفيروس كورونا في مخيمات مكتظة، وتقطع السبل بالكثيرين بسبب القيود على السفر، وفوق كل ذلك، كان اللاجئون والمهاجرون لقمة سائغة للعصابات الإجرامية.

وفي سلسلة تقارير عن آثار الجائحة الصحية على مختلف مجالات الحياة، استعرض موقع «جسور 2030» في الجزء الأول أزمة التعليم، وفي الجزء الثاني تم تناول ازدياد الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وفي هذا الجزء نسلط الضوء على محنة المهاجرين واللاجئين في زمن« كوفيد-19«.

اللاجئة العراقية «روزان»، فرّت مع زوجها وأطفالها الثلاثة باتجاه البوسنة والهرسك في وقت سابق من العام الماضي، وهي واحدة من بين كثيرين عانوا الأمرّين أثناء البحث عن مكان يشعرون فيه بالأمان: «فررنا من ديارنا لإنقاذ حياتنا، هرباً من الحرب، والآن نواجه فيروس كورونا الجديد».

خلال الرحلة الشاقة، عانت روزان وعائلتها من التوقيف، وخضعوا للتفتيش والاحتجاز، إضافة إلى تحمّلهم للبرد وظروف طقس الشتاء القاسية، ومع حلول شهر أبريل 2020، وجدوا مأوى لهم في أحد المخيمات التي تديرها المنظمة الدولية للهجرة، حيث علموا بتفشي فيروس كورونا: «كان حديث الساعة، وعُلقت ملصقات تشرح طرق حماية أنفسنا«.

بذلت المنظمة الدولية للهجرة جهوداً لمنع انتشار كوفيد-19 بين الناس في مراكزها، وخصصت أدوات التعقيم، وعملت على تثقيف الطاقم والسكان بشأن طرق الوقاية، وأغلقت المطابخ لتجنب التجمعات الكبيرة، ولكن رغم تلك الاضطرابات التي حدثت لحياتهم، أشارت روزان إلى أنها فهمت هي وأسرتها أسباب فرض الإجراءات الجديدة، وقالت: «نشعر بأمان هنا».

وفي المقابل، وجدت مخيمات أخرى صعوبة في الحفاظ على السلامة والنظافة، وخاصة في الدول النامية، وفي أبريل، دقت الأمم المتحدة جرس الإنذار بشأن مصير اللاجئين والمهاجرين وغيرهم من النازحين خلال الجائحة، وحذرت من أن الكثافة العالية للمخيمات قد تكون سبباً في تفشي كورونا بين أعداد كبيرة من السكان.

وأشار بيان مشترك صادر عن وكالات الأمم المتحدة البارزة، بما في ذلك المنظمة الدولية للهجرة ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إلى أن العديد من المهاجرين يعيشون في مرافق مكتظة أو مواقع إيواء مؤقتة أو مراكز استقبال، حيث يفتقرون إلى إمكانية الحصول على الخدمات الصحية والمياه النظيفة والصرف الصحي.

ومن أكثر الشواغل، تلك المتعلقة باللاجئين والمهاجرين المحتجزين في مراكز التوقيف، بمن فيهم الأطفال المهاجرون وأسرهم، فضلاً عن المحتجزين دون أساس قانوني كافٍ، وجاء في البيان أنه «بالنظر إلى العواقب المميتة لتفشي كوفيد-19، يجب إطلاق سراحهم دون تأخير، لا يمكن السيطرة على هذا المرض إلا إذا كان هناك نهج شامل يحمي حقوق كل فرد في الحياة والصحة».

وفي مايو من العام الماضي 2020، أعلنت المنظمة الدولية للهجرة أن فرقاً تابعة لها تقدم الدعم إلى المهاجرين في المنطقة الصحراوية من غرب ووسط وشرق أفريقيا، بعد أن تم ترحيلهم، إما بدون إجراءات قانونية واجبة، أو تم التخلي عنهم من قبل المهرّبين، وهذا مجرّد مثال واحد لمجموعات من المهاجرين الذين تقطعت بهم السبل، عندما بدأ فرض القيود على الحركة، وقد تأثر عدّة آلاف، في جميع أنحاء العالم، في كثير من الأحيان في المناطق الحدودية، دون الحصول على الرعاية الصحية.

ففي الهند، عدد كبير من العمّال المهاجرين انقلبت حياتهم رأساً على عقب، خلال شهر أبريل من العام الماضي، عندما تم إجبارهم على مغادرة المدن التي كانوا يعملون فيها، ولم يُبلّغوا سوى قبلها بعدة ساعات، كما ظهرت تقارير وصور عن قيام ضباط شرطة، على ما يبدو، بضرب أشخاص، بمن فيهم مهاجرون، بالهراوات، لخرقهم قواعد الحجر الصحي، وتردد أنهم قاموا برش الأشخاص بالمطهرات في الشوارع.

وبسبب فقدانهم الوظائف ونقص المال وإغلاق وسائل النقل العام، اضطر مئات الآلاف إلى قطع مسافة مئات الأميال عائدين إلى قراهم الأصلية، ومات بعضهم أثناء الرحلة، وقد دفع وضعهم اليائس مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ميشيل باشيليت، إلى دعوة السلطات الهندية إلى احترام سلامة وحقوق المهاجرين عند تطبيق إجراءات الإغلاق.

وبعد فرض القيود المتعلقة بفيروس كورونا المستجد في دول هندوراس والسلفادور وغواتيمالا، سجلت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ارتفاعاً في الاستغلال وتهريب المخدرات والعنف الجنسي، والعنف القائم على النوع الاجتماعي، وذلك خلال شهر مايو 2020، بعدما أجبر العنف الذي شهدته المنطقة، في عام 2019، حوالي 720 ألف شخص على الفرار من ديارهم.

وعلى الرغم من أن ما يقرب من نصف هؤلاء الفارين لا يزالون نازحين داخل بلدانهم، إلا أنه مع انتشار الجائحة في أمريكا الوسطى، بدأت الجماعات الإجرامية المنظمة في استغلال تدابير الإغلاق لتعزيز قبضتها، باستخدام الاختفاء القسري والقتل والتهديد بالقتل، لإجبار السكان المحليين على الخضوع.

وقال متحدث باسم مفوضية اللاجئين إن القيود على الحركة تجعل من الصعب على أولئك الذين يحتاجون إلى المساعدة والحماية الحصول عليها، بينما يواجه أولئك الذين يحتاجون للفرار لإنقاذ حياتهم عقبات متزايدة في البحث عن الأمان.

ونظراً لأن عام 2020 كان صعباً، خاصةً لمن اضطروا إلى مغادرة أوطانهم وبلدانهم وأسرهم، فقد احتفت المنظمة الدولية للهجرة بـ«اليوم الدولي للمهاجرين»، في 18 ديسمبر الماضي، بتسليط الضوء على المساهمات الإيجابية للمهاجرين واللاجئين في المجتمعات في كل مكان.

«حسن عقاد»، مخرج أفلام سوري ولاجئ في بريطانيا، قدم مبادرة لقيت استحساناً من الدولة المضيفة، حيث قرر المساعدة في إجراءات مكافحة الجائحة، فتطوع للعمل كعامل نظافة في أحد المستشفيات القريبة من مكان إقامته بشرق لندن.

وقال «عقاد» عن تجربته: «شعرتُ وكأنها طريقة مباشرة، يمكنني من خلالها المساهمة في رفاه سكان لندن التي أعيش فيها، إنه المكان الذي سأذهب إليه بنفسي إذا مرضت، أنا أو شريكتي أو العائلات في الحي الذي أقطن به، إنه لشرف لي أن أساهم بطريقة بسيطة»، وتابع قائلاً: «الأشخاص الذين قابلتهم هناك من أكثر البشر تواضعاً واجتهاداً وتفانياً، يجيئون من جميع أنحاء العالم، غانا وإيطاليا وبولندا ومنطقة البحر الكاريبي وإسبانيا وإيران».

وبمناسبة اليوم الدولي للمهاجرين، حرص الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، على الإشادة بالدور الذي يقوم به المهاجرون في الدول المضيفة لهم، بقوله: «نهض المهاجرون بدور عظيم الأهمية في الخطوط الأمامية للتصدي للأزمة، بدءاً برعاية المرضى والمسنين، ووصولاً إلى ضمان الإمداد بالأغذية أثناء إجراءات الإغلاق، مما يسلط الضوء على أهمية ما يقدمونه بشكل أعم من إسهامات في المجتمعات في شتى أنحاء العالم».