«سكولوس»: التحرك معاً نحو منطقة أكثر استدامة أكثر أهمية الآن من أي وقت مضى
«كوفيد-19» واعتراف أمريكا بتداعيات تغير المناخ.. «نقاط تحول» في بداية عقد حاسم
رغم أن عام 2021 يشكل «نقطة تحول» في بداية العقد الحاسم لتحقيق أهداف أجندة 2030 للتنمية المستدامة، إلا أن بداية العام الجديد سجلت مزيداً من المعاناة في مختلف دول العالم، ومن ضمنها منطقة الشرق الأوسط، بسبب التداعيات الخطيرة الناجمة عن «جائحة كوفيد-19»، التي يعتبر الدكتور مايكل سكولوس، رئيس فريق مشروع دعم المياه والبيئة (WES)، أن لها تأثير مزدوج ومثير للجدل، من حيث التقدم على صعيد الجهود المبذولة في مجال البيئة والتنمية المستدامة.
ففي تقديمه للتقرير الصادر عن المشروع مع بداية 2021، اعتبر رئيس فريق العمل أن« جائحة كورونا» ترتبت عليها أضرار اقتصادية، من ناحية، تتمثل في تراجع الاستثمارات الضرورية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، ومن ناحية أخرى، أثبتت الجائحة لصانعي القرار وغيرهم، وبشكل واضح، أن المشكلات الصحية والبيئية والاجتماعية المعقدة في أيامنا هذه، تعتبر ذات طبيعة عالمية، وتتحول أكثر فأكثر إلى أن تكون «مشاكل وجودية»، وبالتالي يجب معالجتها بشكل عاجل وشامل وفي وقت واحد، على كافة المستويات، بدءاً من المستوى العالمي إلى المحلي.
كما أعرب «سكولوس» عن أمله في أن تسهم التغيرات السياسية بالولايات المتحدة في تعزيز التعاون الدولي في معالجة تغير المناخ، وأن تؤدي المؤتمرات العالمية الكبرى، المتوقع تنظيمها خلال العام الجاري، إلى تحفيز وتعزيز تنسيق الجهود المشتركة بين الدول وأصحاب المصلحة، ومن ضمنها مؤتمر الأطراف الـ26 بشأن تغير المناخ في غلاسكو، ومؤتمر الأطراف الـ15 للتنوع البيولوجي في الصين، ومؤتمر اليونسكو للتعليم من أجل التنمية المستدامة في برلين، إضافة إلى المؤتمر الوزاري الإقليمي المتوسطي للاتحاد من أجل المتوسط بشأن البيئة والمناخ والعمل في مصر، وعدد من الاجتماعات الإقليمية الأخرى.
ويهدف مشروع دعم المياه والبيئة (WES) في منطقة الجوار الجنوبي، الذي يجري تنفيذه في دول جنوب البحر المتوسط، بتمويل من الاتحاد الأوروبي، وبمشاركة الشبكة العربية للبيئة والتنمية (رائد)، إلى حماية البيئة وتحسين إدارة الموارد المائية الشحيحة في منطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، ويعمل المشروع على معالجة المشاكل المتعلقة بمنع التلوث وكفاءة استخدام المياه، كما يسعى المشروع إلى إيجاد بيئة مواتية، وتعزيز القدرات ذات الصلة، لكافة أصحاب المصلحة في البلدان الشريكة.
وقبل أيام من حلول العام الجديد، عقدت اللجنة التوجيهية لمشروع دعم المياه والبيئة (WES) اجتماعها الثاني، الذي شهد اعتماد خطة العمل المستقبلية للمشروع خلال فترة الـ12 شهراً القادمة، وتضمن الاجتماع، الذي جرت فعالياته عبر تطبيقات التواصل الإلكترونية، استعراض إنجازات المشروع منذ إطلاقه في عام 2019 بموازنة تبلغ 7.9 مليون يورو، حتى نهاية العام الماضي، كما تم عرض الأنشطة المخطط لها للعام المقبل 2020-2021، وهو العام الثاني من عمر المشروع الذي يمتد 4 سنوات.
وبينما أكدت مديرة المشروع، سيلفي فونتين، من المديرية العامة لمفاوضات الجوار والتوسع بالمفوضية الأوروبية، عن أهمية المشروع ضمن جهود الاتحاد الأوروبي الأوسع للبيئة والاقتصاد الدائري، فقد تحدث ستيفانو دوتو، رئيس قطاع الاتصال والمناخ والبيئة بالمديرية، عن جهود الاتحاد الأوروبي في دعم تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ومعالجة قضايا تغير المناخ، وحماية البيئة، قبل أن يعرض لدور مشروع دعم المياه والبيئة في هذا الصدد، كما سعى باتريك فيجيردت، من مديرية المفاوضات أيضاً، إلى الربط بين مشروع (WES) وخطة «الصفقة الخضراء» للاتحاد الأوروبي.
وأشارت أليساندرا سينسي، من الاتحاد من أجل المتوسط، أحد الشركاء المؤسسين للمشروع، إلى الاجتماع الوزاري الثاني بشأن البيئة والعمل المناخي، الذي من المقرر تنظيمه هذا العام، وتطرقت إلى الدعم الذي يقدمه مشروع (WES) إلى جداول أعمال الاتحاد من أجل المتوسط ذات الصلة، بينما تقدمت تاتيانا هيما، من خطة عمل البحر المتوسط التابعة لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، بالتهنئة إلى فريق المشروع، مشيرةً إلى الدعم المتبادل بين المشروع وأنشطة برنامج الأمم المتحدة للبيئة، بشأن قضايا مماثلة، وذلك بهدف تعزيز النتائج وتحقيق الأهداف المنشودة.
وتحدث رئيس فريق المشروع، مايكل سكولوس، عن الأنشطة التي تم تنفيذها العام الماضي، مؤكداً أن المشروع بذل مجهوداً كبيراً، خلال الأشهر القليلة الماضية، لتكييف الأنشطة مع واقع «كوفيد-19»، كما عرض التقدم المحرز في كلا المكونين، على المستويين الوطني والإقليمي، واختتم كلمته بالتأكيد على أن «التحرك معاً نحو منطقة أكثر استدامة في البحر الأبيض المتوسط، يعتبر أكثر أهمية في الوقت الحالي من أي وقت مضى»، وتم تخصيص جزء من الاجتماع لمناقشة خطط العام المقبل، والتي تم بموجبها اعتماد خطة العمل لعام 2021 بالإجماع من قبل اللجنة التوجيهية للمشروع.
وتضمن التقرير استعراض عدد من الأنشطة التي جرى تنفيذها خلال العام الماضي، من ضمنها أول برنامج تدريب إقليمي عبر إحدى المنصات الإلكترونية على شبكة الإنترنت، حول محاسبة المياه، استمر لنحو أسبوعين، بمشاركة أكثر من 50 شخصاً من قطاع المياه بالوزارات والمكاتب الإحصائية ذات الصلة، واشتمل التدريب على محاضرات وورش عمل، قدمها خبراء أوروبيون وإقليميون ومحليون، تضمنت الإرشادات وأفضل الممارسات فيما يتعلق بمحاسبة المياه.
تناول التدريب عدة موضوعات، منها المفهوم العام لمحاسبة المياه، والمكونات البيئية والاقتصادية، وفوائد المحاسبة المائية واستخدام مخرجاتها في الإبلاغ عن التقدم المحرز نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة، كما تم تعريف المشاركين على حسابات التدفق المادي وحسابات الأصول المادية، باستخدام نظام الأمم المتحدة للمحاسبة البيئية والاقتصادية للمياه (EEAS) وأطر المراقبة المختلفة، وأتاح التدريب، من خلال مجموعات العمل، المجال لمزيد من تبادل الخبرات بين المشاركين من دول شمال وجنوب البحر المتوسط.
ووصفت ماجدة علاونة، التي شاركت في التدريب نيابة عن سلطة المياه الفلسطينية، التدريب بأنه «كان ممتعاً للغاية، وقدم لنا فكرة جيدة عن جميع جوانب المحاسبة المائية، وكيف يمكننا استخدامها»، بينما اعتبر حسام النجار، من وزارة الموارد المائية والري في مصر، أن «التدريب كان فرصة جيدة جداً للالتقاء بالزملاء من الدول الأخرى لتبادل الخبرات»، وأكد أن التدريب وفر له مقدمة جيدة حول موضوع المحاسبة المائية، وأن هناك أنظمة مختلفة يمكن استخدامها وتطبيقها لإنشاء المحاسبة المائية المناسبة.
ومن ضمن الأنشطة التي قام مشروع دعم المياه والبيئة بتنفيذها خلال العام الماضي، كان نصيب فلسطين اثنان من هذه الأنشطة، أحدهما يتعلق بتعزيز حلول إدارة النفايات الطبية المستدامة، بهدف تحديث الخطة الرئيسية لإدارة نفايات الرعاية الصحية، وتعزيز قدرات مختلف الجهات الفاعلة لتحسين ممارسات إدارة النفايات الطبية، التي يمكن أن تسبب آثاراً غير آمنة على البيئة وصحة الإنسان.
كما أطلق مشروع (WES) نشاطاً آخر لدعم فلسطين في إنشاء مناهج جديدة لتحسين الري، بالتعاون مع دائرة جودة المياه في سلطة المياه الفلسطينية، من خلال الجمع بين مختلف أصحاب المصلحة، بدءاً من وزارة الزراعة إلى سلطة المياه الفلسطينية ومختلف جمعيات مستخدمي المياه والمزارعين، خاصةً وأن موارد المياه في فلسطين شحيحة للغاية، وعرض المشروع طرق الاستخدام الاستراتيجي للمياه العادمة المعالجة بطريقة آمنة ومستدامة ومتكاملة، من أجل تحرير الضغط على موارد المياه المتاحة.
كما أطلق مشروع (WES) نشاطاً لدعم الأردن باتجاه استكشاف إمكانات تطبيق تدابير الاحتفاظ بالمياه الطبيعية، وتكييف الممارسات الجيدة من البلدان الأخرى، وتحديد الإجراءات الأكثر ملاءمة للتطبيق في المملكة، حيث عقد المشروع اجتماعاً افتراضياً، عبر شبكة الإنترنت، للإعلان عن انطلاق برنامج عمل المشروع الإقليمي في الأردن، ضم ممثلين عن سلطة المياه ووزارة المياه والري، بالإضافة إلى ممثلين عن بعثة الاتحاد الأوروبي، وعدد من الخبراء في المشروع.
ونظراً لأن مشكلة التلوث بمخلفات البلاستيك تُعد من أكبر مشاكل التلوث، التي تضر بالقيم البيئية والاقتصادية والثقافية للبيئة الطبيعية، فقد أطلق مشروع دعم المياه والبيئة برنامج تدريب إقليمي للتخلص التدريجي من المواد البلاستيكية أحادية الاستخدام، بهدف تعزيز مهارات وقدرات موظفي السياسات من وزارات البيئة، وممثلي القطاع الإنتاجي، وممثلي منظمات المجتمع المدني، ويتضمن البرنامج تنظيم 4 ندوات، عبر الإنترنت، خلال شهري يناير وفبراير 2021، لتحديد الإجراءات المستهدفة وترتيبها حسب الأولوية، للتخلص التدريجي من المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد.
وتركز هذه الندوات على 4 محاور رئيسية، تشمل مشكلة المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، والاستجابة لمشكلة المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، وجدوى وتأثير التدابير في البحر الأبيض المتوسط، وتنفيذ التدابير والمشاركة في وضع إرشادات توجيهية إقليمية، وذلك بهدف تطوير المبادئ التوجيهية الإقليمية بشأن تدابير التخلص التدريجي من المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، والتي ستعتمدها اتفاقية برشلونة في نهاية المطاف، خلال اجتماع الأطراف القادم في 2021.