«الجزيرة الصغيرة ذات الخطط الكبيرة»، هذا الوصف الذي أطلقه برنامج الأمم المتحدة للبيئة على مملكة البحرين، تقديراً بالجهود التي تبذلها الدولة العربية في سبيل الحفاظ على الاستدامة البيئية لثرواتها المائية والسمكية، وفي ضوء القرار الذي اتخذته حكومة المملكة الخليجية أواخر العام الماضي، بالتخلص التدريجي من استخدام الأكياس البلاستيكية، بما في حظر استيراد الأكياس غير القابلة للتحلل، على أن تعلن البلاد لاحقاً حظراً دائماً على استخدام الأكياس البلاستيكية في المراكز التجارية ومحلات التسوق.

جزيرة البحرين يسكنها ما يقرب من 1.5 مليون نسمة، وتتميز بينابيع مياهها العذبة وببحرها المالح، وهي تتعرض بشكل خاص لمخاطر النفايات البلاستيكية، وقد عرفت ثرواتها المائية بالغنى البيئي، إذ تستضيف أكثر من 200 نوع من الأسماك، كما ظل صيد اللؤلؤ، على وجه الخصوص، وسيلة العيش الرئيسية لشعبها لمئات السنين، وقد اعترفت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «اليونيسكو» في عام 2013 بمسار اللؤلؤ البحريني كموقع للتراث العالمي، الذي يستحق الحماية، مذكّرة بتاريخ هذه الأمة الطويل في هذه الصناعة التي شكلت ثقافة شعبها وسكانها.

ولكن مع ازدهار صناعة النفط، وارتفاع معدلات التلوث، انخفضت مستويات الحياة البحرية في مياه خليج البحرين بشكل مريع، وتعاني، بسبب ذلك، الشعاب المرجانية والسلاحف البحرية وأبقار البحر وأنواع الأسماك العديدة، من آثار التلوث البحري، ومع النمو السكاني وزيادة إنتاج واستهلاك المنتجات البلاستيكية والتغليف، أدت القمامة والنفايات البحرية إلى تفاقم المشكلة وإلى تناقص مخزونات الأسماك.

ولمواجهة هذه التحديات البيئية الحرجة، انضمت مملكة البحرين في عام 2018 إلى حملة البحار النظيفة العالمية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، ومنذ ذلك الحين، لم تدخر شبكات الشباب والمجتمع المدني والحكومة وغيرها جهداً في مواجهة التلوث البلاستيكي.

وتخطط الحكومة البحرينية أيضاً للتوسع في عمليات إعادة التدوير، من خلال زيادة العدد الإجمالي للحاويات المستخدمة في قطاعات إعادة التدوير، وبالتالي تقليل النفايات البلاستيكية التي تمثل عبئاً كبيراً على مدافن النفايات، كما يعمل المجلس الأعلى للبيئة في المملكة، مع وزارة الصناعة والتجارة والسياحة، على وضع سياسات وإرشادات للمصنعين والموردين، لضمان الانتقال السلس إلى بديل مناسب للأكياس البلاستيكية.

وقد أثنى سامي ديماسي، مدير مكتب غرب آسيا للبيئة والممثل الإقليمي، على ما أسماه «القرار الجريء»، الذي جعل المملكة ثاني دولة في غرب آسيا تتخذ موقفاَ ضد الأكياس البلاستيكية غير القابلة للتحلل، بعد سلطنة عُمان.

وشهدت مملكة البحرين، خلال العامين الماضيين، اهتماماً كبيراً من قبل محلات السوبر ماركت المحلية بثقافة الاستدامة، وتبنى ما لا يقل عن 15 فرعاً من محلات السوبر ماركت الرئيسية في المنامة استخدام الأكياس القابلة لإعادة التدوير، كجزء من سياساتها الخضراء.