«السيسي»: التحديات التي تفرضها الجائحة تزيدنا إصراراً على المضي في إعادة البناء بشكل أفضل

جنوب أفريقيا والمغرب وتونس ومصر وإثيوبيا أكثر الدول الأفريقية تضرراً بجائحة «كوفيد-19»

 تحت عنوان «صياغة رؤية للواقع الأفريقى الجديد.. نحو تعافٍ أقوى وبناء أفضل»، انطلقت أعمال النسخة الثانية من منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامين، في الأول من شهر مارس 2021، ولمدة 5 أيام، بمشاركة الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، وعدد من قادة الحكومات الأفريقية وممثلي المنظمات الدولية والإقليمية، إضافة إلى مسؤولي العديد من المؤسسات المالية، وممثلي المجتمع المدني والقطاع الخاص.

وتقدم مصر المنتدى كمنصة دولية وإقليمية يتم من خلالها تناول حلول أفريقية للتحديات التى تواجهها دول القارة، خاصةً فى مجالات السلم والأمن والتنمية المستدامة، وقد اكتسبت الدورة الثانية من المنتدى أهمية خاصة في هذه المرحلة الدقيقة، التي تعمل فيها القارة الأفريقية على مواجهة تداعيات جائحة كورونا، والتحديات الاقتصادية والاجتماعية المتعدّدة الناجمة عنها.

وركزت محاور المنتدى على مناقشة آليات التعافي من تأثير فيروس كورونا على نحو يسهم فى تحقيق أجندة 2063 للاتحاد الأفريقى، والتي تدعمها مصر بقوة، وكذلك أجندة التنمية المستدامة للأمم المتحدة 2030، بهدف تعزيز مسيرة السلام والتنمية المستدامة فى القارة السمراء، بالإضافة إلى مناقشة قضايا التغيرات المناخية، والتجارة بين الدول الأفريقية، وما تسهم به تجاه تحقيق الاستقرار فى دول القارة، ومناقشة تطوير البنية التحتية كركيزة مهمة للتنمية، فضلاً عن تخصيص جلسة للشباب لبحث دورهم فى بناء السلام والنهوض بالفنون والثقافة والأثار.

ووجه الرئيس عبد الفتاح السيسي كلمة إلى منتدى أسوان الثاني للسلام والتنمية المستدامين، أكد فيها أن المنتدى يُعد فرصة لمناقشة وبحث أفضل السبل والآليات لدعم الجهود المشتركة، من أجل التعافي من جائحة كورونا، وإعادة البناء بشكل أفضل، للعبور بالقارة من تلك الأزمة إلى بر الأمان.

وأضاف السيسي: «لقد أثبتنا خلال العام الماضي أن التحديات، التي فرضتها الجائحة وتبعاتها، لن تثنينا عن النهوض بأجندتنا الأفريقية، بل هي تزيد من إصرارنا على المضي قدماً في تنفيذ خططنا وإعادة البناء بشكل أفضل، من أجل تحقيق أهداف أجندة الاتحاد الأفريقي 2063»، مؤكدا على أن مشروعات البنية التحتية تُعتبر ركيزة أساسية لجهود التنمية والتعافي في أفريقيا.

وتابع الرئيس المصري بقوله: «ما أحوجنا الآن إلى مشروعات طموحة، مثل مشروعات النقل والطرق والربط الكهربائي العابرة للحدود، لتعزيز التكامل الاقتصادي والاندماج الإقليمي المنشودين، فضلاً عن تهيئة بيئة مواتية لتحقيق مستويات أعلى من النمو، وتوفير فرص عمل، بما يسهم في تجاوز التداعيات الاقتصادية للجائحة»، وأبرز أهمية تكنولوجيا المعلومات في التعامل مع تداعيات الجائحة، ودورها المحوري في كافة أوجه الحياة خلال هذه الفترة.

وبينما شدد على ضرورة زيادة الاستثمارات في مجال التحول الرقمي في القارة، بما يعظم الاستفادة من الفرص التي توفرها هذه التكنولوجيا في مختلف المجالات، فقد رأى الرئيس «السيسي» أن «التعافي الشامل من الجائحة، يتطلب تطوير السياسات التنموية المستدامة، التي تشمل الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والبيئية»، معرباً عن ثقته في أن مناقشات المنتدى ستوفر فرصة مواتية لتبادل الخبرات والآراء، حول كيفية تطوير تلك السياسات.

وفي كلمة سابقة، أكد وزير الخارجية المصري، سامح شكري، أن نجاح منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامة فى نسخته الأولى، أكد ضرورة الاستمرار فى إيصال صوت أفريقيا لتحقيق الأمن والسلام، وأضاف أن «جائحة كورونا فرضت عقد المنتدى افتراضياً، كما فرضت التركيز على التحديات التي أصبحت تواجه قارة أفريقيا، وقوة الشباب ومدى تأثيره على التنمية بالقارة».

ووفق المراكز الأفريقية للسيطرة على الأمراض والوقاية، فإن إجمالي عدد الإصابات المؤكدة بفيروس كورونا في مختلف دول القارة، حتى نهاية شهر فبراير الماضي، بلغ 3 ملايين و891 ألف و47 حالة، بينما بلغ إجمالي الوفيات 103 آلاف و519 حالة، مقابل تعافي 3 ملايين و463 ألف و677 حالة، بينما لا يزال ما يقرب من 324 ألف حالة تخضع للعلاج في المرافق الصحية أو قيد العزل المنزلي.

وتُعتبر منطقة جنوب القارة الأفريقية من أكثر المناطق تضرراً من حيث حالات الإصابة، تليها منطقة الشمال الأفريقي، حيث تُعد دول جنوب أفريقيا والمغرب وتونس ومصر وإثيوبيا أكثر الدول الأفريقية تضرراً، بالنسبة لإجمالي الحالات المؤكدة.

وفي كلمته لمنتدى أسوان الثاني للسلام والتنمية المستدامين، دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى أنه ينبغي أن يكون 2021 هو عام العودة إلى المسار الصحيح لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، مؤكداً أن «التعافي من الجائحة هو فرصتنا، ولقد أظهرت البلدان الأفريقية والاتحاد الأفريقي، قيادة ووحدة في الاستجابة لهذا الاختبار غير المسبوق».

وبينما جدد الأمين العام تضامن الأمم المتحدة مع جميع الشعوب والحكومات الأفريقية في هذا التوقيت، فقد أشاد بجهود الاتحاد الأفريقي، من خلال قوة المهام الأفريقية المعنية بالحصول على لقاحات لـ«كوفيد-19»، من أجل تأمين جرعات من اللقاحات للبلدان الأفريقية، وشدد على ضرورة أن يكون «اللقاح مسألة تتعلق بالصالح العام، وأن تكون متاحة، وفى متناول جميع الناس في كل مكان».

وأكد غوتيريش أن العالم بحاجة ماسة إلى خطة عالمية لتقديم اللقاحات، وحث مجموعة العشرين على أن تجمع البلدان والشركات والمنظمات الدولية والمؤسسات المالية ذات القوة اللازمة والخبرة العلمية والإنتاج والقدرات المالية، ودعا المجتمع الدولي إلى دعم شعوب وبلدان العالم الأكثر ضعفاً، بدءاً من تعزيز الأنظمة الصحية، إلى إتاحة تخفيف للديون.

واعتبر الأمين العام للأمم المتحدة أن التعافي من الجائحة يمثل فرصة للتصدي لأوجه الهشاشة وانعدام المساواة، التي أماطت الجائحة اللثام عنها، وانتهاج مسار أكثر شمولاً واستدامة، يعزز المساواة بين الجنسين، ويحمى البيئة العالمية.

وبدوره، أكد الرئيس الرواندي، بول كاجامي، على أهمية موضوع منتدى أسوان الثاني للسلام والتنمية المستدامين، باعتباره من الموضوعات الملحة، التي تواجه القارة الأفريقية، واعتبر أن جائحة فيروس كورونا سلطت الضوء على أهمية الرعاية الصحية في كافة الدول الأفريقية، وأضاف أن موضوع الصحة ثبت أنه أمر حيوي، ولابد من العمل على تأمين الوقاية والحماية، ودعم شراء اللقاحات، ودعم منظومة الصحة لضمان استقلالية أفريقيا، لافتاً إلى أهمية العمل على تنفيذ منطقة التجارة الحرة بشكل أفضل، وخلق سلاسل توريد للأدوية والمستلزمات الطبية، مع ضرورة أن تتحدث أفريقيا باسم واحد.

وفي السياق، قال الرئيس الجابوني، علي بونجو، إن «الهدف الذي نسعى إليه من خلال المنتدى، يكمن في تعزيز مناعة وقوة أفريقيا ضد جائحة كورونا»، وأضاف أن آثار الجائحة زعزعت استقرار القارة، محذراً من أنه «إذا استمرت هذه الجائحة، فإن الحالة الاقتصادية لدولنا ستؤثر على قدرتها على مواجهة الأزمة»، وأضاف أن «الجائحة كان لها أثار شديدة الوطأة، كشفت عن هشاشة النظام الدولي، ويجب أن تقوي من مناعتنا وكفاءتنا لمواجهة جائحة كورونا، وتحقيق التنمية المستدامة».

أما رئيس جنوب السودان، سلفاكير ميارديت، فقد أكد أن «أفريقيا تعيش في ظروف صعبة، بسبب تفشي جائحة كورونا، وهو ما يعطى أهمية أكبر لمشاركتنا في هذا المنتدى، كمنبر ملائم لتبادل الرؤية مع الشركاء الإقليميين والدوليين، بهدف الخروج باستجابة مشتركة تعود بفائدة اقتصادية على دولنا جميعا»، وأكد أهمية هذا المنتدى لتحقيق التضامن بين الدول الأفريقية وحكوماتها، بما يسهم في تعزيز الاستجابة لمواجهة تداعيات جائحة «كوفيد 19»، والمضي قدماً باتجاه تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

ويهدف منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامين إلى تعزيز استثمار موارد القارة الأفريقية المتعددة، وتحويلها إلى قيمة مضافة بالتوازي مع تطوير البنية التحتية بها، مما يعني التمهيد لتحقيق التنمية المستدامة، كما يهدف من خلال ربط السلام بتحقيق التنمية المستدامة، إلى تشجيع وتحفيز مؤسسات التمويل الدولية لمساعدة وتمويل المشاريع التنموية في القارة الأفريقية، وجذب الاستثمارات إليها.