مصر تعرض تجربة الدمج بين التعدين وحماية الموارد.. وغوتيريش يدعو إلى عدالة الأرباح

كيفية تحويل قطاع استخراج المواد الخام والصناعات الاستخراجية إلى محرك للتنمية المستدامة، كان هذا هو محور المائدة المستديرة العالمية، التي عقدت هذا الأسبوع، عبر تقنيات التواصل الإلكتروني، في ظل الفرصة التي توفرها جائحة كورونا، لدعم الانتقال العادل، بعيداً عن الوقود الإحفوري، ونحو مستقبل يتسم بانخفاض الكربون والمرونة والشمول، والتحول إلى الطاقة الخضراء.

وحظيت المائدة المستديرة، التي جاءت استجابة لدعوة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بمشاركة رفيعة المستوى من جانب العديد من رؤساء الدول والحكومات، إضافة إلى الأمين العام للمنظمة الأممية ونائبه والأمناء التنفيذيين للجان الاقتصادية الإقليمية، وأصحاب المصلحة الرئيسيين من القطاع الخاص والمجتمع المدني والأوساط الأكاديمية.

وشاركت وزيرة البيئة المصرية، الدكتورة ياسمين فؤاد، في أعمال المائدة المستديرة، نيابة عن رئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، بكلمة أكدت فيها أن انتهاج مدخل السياسات في التعامل مع الصناعات الاستخراجية والتعدينية بصفتها قوة دافعة لعملية التنمية المستدامةـ يساعد على توفير المناخ الداعم للارتقاء بها، وجعلها أكثر مراعاة لصون الموارد الطبيعية.

واستعرضت وزيرة البيئة تجربة مصر في الدمج بين الصناعات التعدينية وحماية الموارد الطبيعية، مشيرةً إلى ان القوانين والإجراءات المنظمة والسياسات من أهم آليات توفير المناخ الداعم، إلى جانب وسائل التمويل والمصادر المتاحة، سواء من شركاء التنمية أو القطاع المصرفي والاستثماري، والبناء المؤسسي اللازم، والتكنولوجيا المتطورة.

وأكدت «فؤاد» أن الحكومة عملت على مدار ما يقرب من عام ونصف على إعادة النظر في القانون المنظم لعملية التعدين في مصر، مشيرةً إلى أنه أصبح هناك مشروع قانون جديد للتعدين أمام البرلمان المصري، لمناقشته وإقراره، يتميز هذا القانون بمراعاة الإدارة المستدامة للموارد الطبيعية، بما يضمن عدم اهدارها والحفاظ عليها من أجل الأجيال القادمة.

وفيما يخص مراعاة الآثار البيئية لصناعة التعدين، أوضحت وزيرة البيئة أنه يجري إعداد أدلة ارشادية للتعدين في مصر، حتى في المناطق المحمية، كما يتم إتاحة الفرصة لدمج المجتمعات المحلية بمناطق المحميات في تلك الصناعات، بالإضافة إلى مراعاة آليات التعامل مع المخلفات الناتجة عن الصناعات الاستخراجية، حيث تم مراعاة ذلك في قانون المخلفات الجديد.

وتقدمت وزيرة البيئة المصرية بالشكر إلى المجتمع الدولي، على ما يقدمه من حزم تمويلية تدعم هذه الصناعة، ومراعاة معايير الاستدامة البيئية بها، مما كان عاملاً محفزاً للقطاع الخاص للاستثمار في هذا المجال، والبحث عن أفضل التكنولوجيات المناسبة.

ومن جانبه، أكد الأمين العام للأمم المتحدة أن استخراج المعادن، وغيرها من المواد الخام القيمة من الأرض، يمثل منعطفاً حاسماً للموارد والنظم البيئية وللناس، مشيراً إلى أن الجميع يلعب دوراً أساسياً في تعزيز استدامة وإنصاف هذا القطاع، وقال: «تتمثل مسؤوليتنا المشتركة في ضمان وصول فوائد الموارد المعدنية إلى جميع الناس، وليس فقط إلى النخب، مع الحفاظ على البيئة الطبيعية اليوم وللأجيال القادمة».

وتمثل الصناعات الاستخراجية للمواد الخام، بما في ذلك النفط والفحم والمعادن المختلفة، إحدى أكبر الثروات لكوكب الأرض، حيث تلعب دوراً كبيراً في دعم اقتصادات 81 دولة على الأقل، وتدر أرباحاً ضخمة من النقد الأجنبي والاستثمار المباشر، فضلاً عن تحقيق عائدات حكومية مجزية، حيث اعتبر الأمين العام أنها لديها القدرة على دفع النمو الاقتصادي، والحد من الفقر.

ورغم ذلك فقد أشار «غوتيريش» إلى أن البعض ينظر إلى قطاع الصناعات الاستخراجية باعتباره «لعنة الموارد»، نظراً لارتباطه بـ«سلسلة من العلل»، منها الفساد والاستغلال والعنصرية والتدهور البيئي، فضلاً عن تفاقم تداعيات التغيرات المناخية، وفقدان التنوع البيولوجي، إلى جانب النزعات المسلحة، والعنف القائم على النوع الاجتماعي، وانتهاكات حقوق الإنسان.

ووفقاً لما ذكره الأمين العام للأمم المتحدة، فإن القاسم المشترك بين جميع المناطق هو الحاجة إلى إدارة قطاع الصناعات الاستخراجية والموارد بشكل «مستدام وشامل ومنصف»، وأوضح أن ذلك يعني «مراعاة احتياجات وحقوق النساء والشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية وأصحاب المصلحة الآخرين، الذين يتأثرون بالصناعة، ومع ذلك هم مستبعدون من تصميم العمليات الاستخراجية وفوائدها».

واختتم «غوتيريش» كلمته بالتأكيد على أنه «يجب أن يدعم قطاع الصناعات الاستخراجية الاستثمار في الخدمات العامة وأهداف التنمية المستدامة وحقوق الإنسان»، داعياً إلى التصدي لما وصفه بـ«التهديد الثلاثي»، والذي يتمثل في اضطراب المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والتلوث، والعمل على تعزيز التنمية العادلة والشاملة، حتى لا يتخلف أحد عن الركب