الأمم المتحدة تطلق عقد «مداواة الأرض».. والأمين العام: «بلغنا نقطة اللا عودة»

 وسط التهديد البيئي الثلاثي، المتمثل في فقدان التنوع البيولوجي، واضطراب المناخ، وتزايد التلوث، وعشية الاحتفال باليوم العالمي للبيئة، أطلق الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، مبادرة غير مسبوقة، اعتبر أنها تستهدف «مداواة الأرض»، في الوقت الذي حذر فيه من أن البشر مازالوا يدمرون النظم الإيكولوجية التي تدعم الحياة في مجتمعاتهم المحلية، بل وعلى كوكب الأرض.

ويُعد يوم البيئة العالمي، هو أبرز حدث بيئي على مستوى العالم، فمنذ عام 1974، يتم الاحتفال به في يوم 5 يونيو من كل عام، بهدف إشراك الحكومات والشركات والمشاهير والمواطنين، لتركيز جهودهم على قضية بيئية ملحة، وتركز احتفالية هذا العام على استعادة النظم البيئية.

ومع إطلاق عقد الأمم المتحدة لاستعادة النظام الإيكولوجي، قال الأمين العام للمنظمة الأممية، في رسالته بمناسبة اليوم العالمي للبيئة، إن الكوكب وصل إلى «نقطة اللا عودة»، وإن استمرار ممارسات قطع الغابات، وتلويث الأنهار والمحيطات، وحراثة الأراضي العشبية تدفع الكوكب إلى حافة الاندثار.

وتسببت الأضرار التي لحقت بالنظم الطبيعية لكوكب الأرض، نتيجة ممارسات بشرية، في تدهور موارد الكوكب من الغذاء والموارد الأخرى اللازمة للبقاء على قيد الحياة، كما ألحقت الضرر برفاهية ما يقرب من 3.2 مليار شخص، أي حوالي 40% من البشرية، إلا أن «غوتيريش» أشار إلى أن هناك «بارقة أمل»، بقوله: «الأرض مازالت صامدة، ولا يزال لدينا الوقت لعكس الضرر الذي أحدثناه».

وأضاف الأمين العام أنه «من خلال استعادة النظم الإيكولوجية يمكننا قيادة تحول من شأنه أن يسهم في تحقيق جميع أهـداف التنمية المستدامة»، وتابع أن «إنجاز هذه الأمور لن يحمي موارد الكوكب فحسب، بل سيخلق أيضاً ملايين الوظائف الجديدة بحلول عام 2030، ويدر عائدات تزيد عن 7 تريليونات دولار سنوياً، ويساعد في القضاء على الفقر والجوع».

ووصف «غوتيريش» عقد استعادة النظام الإيكولوجي بأنه «دعوة عالمية للعمل»، تجمع الدعم السياسي والبحث العلمي والقوة المالية، لتوسيع نطاق الاستعادة بشكل كبير، وأشار إلى أن السنوات العشر المقبلة هي «فرصتنا الأخيرة لتجنب كارثة مناخية، ودرء المد القاتل للتلوث، وإنهاء فقدان الأنواع»، قبل أن يختتم رسالته بقوله: «يمكن للجميع المساهمة، لذا ليكن اليوم بداية عقد جديد، وهو العقد الذي نصنع فيه أخيراً السلام مع الطبيعة، ونؤمن مستقبلاً أفضل للجميع».

وفي الوقت نفسه، دعا خبراء حقوقيون مستقلون تابعون للأمم المتحدة، إلى الاعتراف رسمياً بأن العيش في بيئة آمنة وصحية ومستدامة هو بالفعل حق من حقوق الإنسان، وقال الخبراء، في بيان مشترك بمناسبة اليوم العالمي للبيئة: «من بين 193 عضواً في الأمم المتحدة، سطر 156 عضواً هذا الحق في الدساتير والتشريعات والمعاهدات الإقليمية، وقد حان الوقت للأمم المتحدة لأن تقود الاعتراف بأن لكل إنسان الحق في العيش في بيئة نظيفة»، وأضاف الخبراء أن حياة مليارات البشر على هذا الكوكب ستتحسن، إذا تم اعتماد هذا الحق واحترامه وحمايته وإعماله.

وبعد ما يقرب من 50 عاماً من إعلان ستوكهولم المعني بالبيئة البشرية، الذي أعلنت فيه الدول الأعضاء أن للناس حقاً أساسياً في بيئة ذات جودة تسمح بحياة كريمة ورفاهية، وبحسب الخبراء، حان الوقت لاتخاذ إجراءات ملموسة، داعين كلاً من مجلس حقوق الإنسان، والجمعية العامة، إلى اتخاذ إجراءات جادة لضمان تمتع البشر بهذا الحق الأساسي من حقوق الإنسان.

وتسببت طفرة من الأمراض الناشئة، التي تنتقل من الحيوانات إلى البشر، مثل كوفيد-19، إلى جانب حالة الطوارئ المناخية، والتلوث السام المتفشي، والفقدان الدراماتيكي للتنوع البيولوجي، إلى وضع مستقبل الكوكب على رأس جدول الأعمال الدولي، وهو ما دفع الخبراء إلى التأكيد على أنه يجب وضع حقوق الإنسان في قلب أي إجراءات لمعالجة الأزمة البيئية.

وذكر البيان أن «وضع حقوق الإنسان في صميم هذه الإجراءات، يوضح ما هو على المحك، ويحفز العمل الطموح، ويؤكد على الوقاية، وقبل كل شيء يحمي الأشخاص الأكثر ضعفاً على كوكبنا»، ولفت الخبراء الحقوقيون بيانهم إلى أنه «على سبيل المثال، يمكن تحويل عالمنا حقاً من خلال التحول من الوقود الأحفوري إلى الطاقة المتجددة، وإنشاء اقتصاد دائري خال من النفايات، والانتقال من الاستغلال الضار للنظم البيئية، إلى العيش في وئام مع الطبيعة».

وفي عالم تتسبب فيه الأزمة البيئية العالمية في أكثر من 9 ملايين حالة وفاة مبكرة كل عام، وتهدد صحة وكرامة المليارات من البشر، أكد الخبراء أنه يمكن للأمم المتحدة أن تكون محفزاً للعمل الطموح، من خلال الاعتراف بأن لكل فرد في كل مكان، الحق في بيئة صحية وآمنة ومستدامة.