تحديث «رؤية مصر 2030» لمواجهة التحديات.. والعمل التنموي ليس حكرا على الدولة
أصدرت وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية هذا الأسبوع، الملخص التنفيذي للتقرير الوطني الطوعي الثالث لمصر، الذي قدمته الدكتورة هالة السعيد، ممثلة عن جمهورية مصر العربية، أمام المنتدى السياسي رفيع المستوى للأمم المتحدة، المعني بتنفيذ أهداف التنمية المستدامة، والذي عقد افتراضيًا خلال الفترة من 6 إلى 15 يوليو 2021.
وأكدت الدكتورة هالة السعيد، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، أنّ التقرير الوطني الطوعي الثالث لمصر جاء في إطار استراتيجيتها الشاملة للتنمية المستدامة «رؤية مصر 2030»، والتي جرى إطلاقها في عام 2016 من خلال نهج تشاركي، بأبعادها الاقتصادية والبيئية والاجتماعية.
وأشارت إلى أنّ تحديث رؤية مصر 2030 يرجع إلى الحاجة لمواجهة عدد من التحديات، تتضمن ندرة المياه، والزيادة السكانية، والتطورات الجغرافية والسياسية العالمية والإقليمية، إضافة إلى استيعاب تداعيات فيروس «كوفيد – 19»، وأضافت أنّ عملية التحديث تمت في إطار تشاركي مع شركاء التنمية، بما يتسق مع «أجندة أفريقيا 2063»، وأهداف التنمية المستدامة الأممية.
وقدمت مصر تقريرها الطوعي الثالث ضمن 43 دولة، قدمت تقارير لهذا العام، كما أنّها واحدة من بين 10 دول فقط تقدم تقرير وطني للمرة الثالثة، ويناقش التقرير الإطار الحاكم، وبيئة السياسات الداعمة للعملية التنموية في مصر، كما يستعرض التقدم المحرز في كل هدف من أهداف التنمية المستدامة الـ17، مع التركيز على تتبع الأداء، مقارنةً بالتقرير السابق لمصر عام 2018.
ويمثل التقرير الوطني الطوعي آلية لتطوير وتسريع تنفيذ أهداف التنمية المستدامة، وتضمن التقرير التحديات التي مثلت عائقاً نحو تنفيذ الأهداف الأممية، ووضع نظرة مستقبلية حول أولويات الدولة خلال المرحلة القادمة، لمواجهة تلك التحديات، والمضي قدماً نحو تحقيق التنمية المستدامة.
واتبعت عملية تطوير التقرير نهجاً تشاركياً متكاملاً، حيث عقدت العديد من ورش العمل والاجتماعات مع أصحاب المصلحة من الوزارات والجهات الحكومية والقطاع الخاص والمجتمع المدني والشركاء الدوليين، عرضوا فيها الآراء والمقترحات، كما ساهموا بإرسال تفاصيل عن مشروعاتهم ومبادراتهم التي تخدم تحقيق الأهداف الـ17، وإمداد فريق العمل بالبيانات والمعلومات، وذلك لاستخدامها في التقرير، ليعكس صورة واقعية وشاملة عن الجهود والتحديات المتعلقة بكل هدف أممي.
بدأت مصر تقريرها باستعراض الأطر الحاكمة التي تعمل من خلالها على تحقيق التنمية المستدامة، وهي رؤية مصر 2030، والتي تُعَد النسخة الوطنية من أجندة التنمية المستدامة الأممية، حيث مرّت الرؤية بعملية تحديث شاملة، لتعكس التطورات المحلية والإقليمية والدولية المتعددة، التي ظهرت منذ إطلاقها للمرة الأولى في عام 2016.
وتتسم النسخة المحدثة لرؤية مصر 2030 بالاتساق الكبير مع الأهداف الأممية وطموحات أجندة أفريقيا 2063، وفي إطار التكامل بين أبعاد التنمية المستدامة الثلاثة، تمت إضافة عدد من المبادئ الحاكمة والممكنات لضمان التكامل، بهدف تسهيل عملية تفعيل وتنفيذ أهداف الرؤية.
وتتضمن الأطر الحاكمة برنامج الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي بمرحلتيه، إذ أسفرت المرحلة الأولى (2016 – 2019) عن تحسن في العديد من مؤشرات الاقتصاد الكلي، أبرزها معدلات النمو السريع، والتحكم في التضخم، وخفض عجز الموازنة، مع الاهتمام بالحماية الاجتماعية، وجرى إطلاق المرحلة الثانية في عام 2021، ضمن برنامج «الإصلاحات الهيكلية»، وتركز على تحسين التنافسية ومناخ الأعمال في مصر، ودعم القطاعات الإنتاجية، لضمان استدامة النتائج الإيجابية التي تم تحقيقها خلال المرحلة الأولى.
وتأتي ضمن الأطر الحاكمة، توطين أهداف التنمية المستدامة، ويقصد بها نقل عملية تنفيذ أهداف التنمية المستدامة من المستوى المركزي إلى المستوى المحلي في كل محافظات الجمهورية، والاستفادة من الميزة التنافسية لكل محافظة، وذلك لضمان تحقيق العدالة الجغرافية للعملية التنموية وعدم ترك أحد خلف الركب.
وفي هذا الصدد جرى إطلاق خطة المواطن على مستوى المحافظات، وإعداد تقارير محلية عن حالة التنمية المستدامة والفجوات التنموية الخاصة بكل محافظة، من خلال قياس وتحديث قيم 32 مؤشراً لـ11 من أهداف التنمية المستدامة، إضافة إلى تطوير صيغة تمويلية من خلال اتباع مجموعة من المعايير لتخصيص الموارد للمحافظات بطريقة عادلة وموضوعية، لتحسين كفاءة إدارة الاستثمارات العامة.
وتشمل الأطر الحاكمة، التي تعمل مصر من خلالها على تحقيق التنمية المستدامة، السياسات القائمة على الأدلة، حيث تؤمن الدولة المصرية بأنّ نجاح السياسات ينبع من قدرتها على التصدي للمشكلات ومواجهة التحديات، ولضمان فعالية السياسات، فمن الضروري الاستناد إلى الأدلة والبيانات والتحليل الكمي.
وتساهم السياسات القائمة على الأدلة في توجيه عملية صنع السياسات، ومن الأمثلة البارزة في هذا الإطار، التعاون مع عدد من المنظمات الدولية ومراكز الفكر لدراسة تأثيرات جائحة «كوفيد-19» على تحقيق أهداف التنمية المستدامة في مصر.
وينتقل التقرير الطوعي بعد ذلك لعرض مختلف التطورات في كل هدف من الأهداف الـ17 الأممية، وتشمل تقييم التقدم المحرز في كل هدف بشكل موضوعي، وذلك بناءً على أحدث البيانات المتاحة، خاصةً تلك المرتبطة بالمؤشرات المتفق عليها من قِبَل الأمم المتحدة لقياس التقدم نحو الأهداف، وعرض مجهودات الدولة المختلفة تجاه تحقيق كل هدف، وتتضمن الاستراتيجيات القطاعية والبرامج والمبادرات والتدخلات بمختلف أنواعها، مع محاولة تقييم أثرها، وذلك أيضاً بالتركيز على التطورات منذ عام 2018.
وفي بعض الأهداف، يتم استعراض أبرز التحديات التي تسعى الدولة لفهم جذورها ومواجهتها بشكل فعال، كما تشمل التطورات في الأهداف الأممية إبداء أمثلة للشراكات المتعلقة بكل هدف مع القطاع الخاص والمجتمع المدني والمنظمات الدولية وشركاء التنمية الآخرين، لتوضيح أنّ العمل التنموي في مصر ليس حكراً على الدولة، حيث تشارك المؤسسات الأخرى بشكل فعال بمبادرات أو مشاريع أو برامج تساهم في التقدم نحو كل من الأهداف الـ17، إضافة إلى وضع وباء «كوفيد-19» في الاعتبار، من خلال عرض السياسات التي اتخذتها مصر لمواجهة التداعيات السلبية للجائحة في كل هدف من الأهداف، وقياس أثر الجائحة المباشر على مختلف المؤشرات، واستنتاج توقعات بشأن وضع مجموعة مختارة من المؤشرات لكل هدف أممي بحلول عام 2030.
ويستعرض التقرير الطوعي التحديات البارزة على المستوى الوطني، والتي تتضمن تتبع الإجراءات التي تم اتخاذها لمواجهة التحديات التي تمت الإشارة إليها في التقرير السابق في 2018، وهي: «البيانات، والتمويل، والحوكمة، والزيادة السكانية»، كما يتضمن التحديات التي ظهرت خلال السنوات الأخيرة، والتي تستوجب تكثيفاً للمجهودات لمواجهتها بشكل عاجل، وهي «عدم المساواة الرقمية»، خاصةً بين الحضر والريف، وهو تحدٍ تفاقمت تداعياته السلبية بسبب تفشي وباء «كوفيد-19»، وضعف مشاركة المرأة في سوق العمل، مما يتسبب في إهدار العديد من الفرص الاقتصادية والاجتماعية، إضافة إلى تحديات بيئية متعددة الأوجه، تتسبب في تفاقم خطر تهديد الأمن المائي والغذائي لمصر.
وتختتم مصر تقرير الطوعي الثالث أمام المنتدى السياسي رفيع المستوى للتنمية المستدامة، بإعادة التأكيد على التزام مصر بتحقيق أهداف التنمية المستدامة في أقل مدى زمني ممكن، بالاستعانة بعدد من المسرعات، وتشمل التحول الرقمي وتكنولوجيا المعلومات، والشراكات الفعالة المحلية والإقليمية والدولية.