تحسين الوضع البيئي وتعظيم الاستفادة من الموارد المتاحة في 3 مناطق بالقاهرة وبني سويف

كتب – هيثم عبد العظيم:

تُعد التأثيرات الناجمة عن التغيرات المناخية أحد أكبر التحديات التي تواجه مجتمعاتنا اليوم، وتتفاقم حدة هذه التأثيرات بشكل مباشر في ظل استمرار الاعتماد على استخدامات الوقود الأحفوري والاستهلاك المفرط له، واستغلال مصادر الأرض بطريقة غير مستدامة، الأمر الذي يتسبب في تدهور متسارع للمحيط الحيوي الذي نعيش فيه، وفقدان التنوع البيولوجي، بالإضافة إلى تكرار حدوث الظواهر الجوية المتطرفة، مثل الجفاف والفيضانات وغيرها من الأزمات، بما يتبعها من تأثيرات سلبية على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية.

وفي محاولة لمواجهة هذه التحديات، جاءت فكرة مشروع «المجتمعات الإنتاجية المرنة»، وهو أحد المشروعات الممولة من الاتحاد الأوروبي، ويقوم بتنفيذ المشروع في مصر عدد من منظمات المجتمع المدني، في مقدمتها الجمعية القبطية للرعاية الاجتماعية (CASC)، وهي منظمة شقيقة لأسقفية الخدمات الاجتماعية المسكونية العامة (BLESS)، التي تمتلك الخبرات المكتسبة في العديد من المجتمعات الريفية والحضرية، سعياً لتحقيق وتوفير الحياة الكريمة لتلك المجتمعات.

وتشارك جمعية المكتب العربي للشباب والبيئة (AOYE) في تنفيذ مشروع «المجتمعات الإنتاجية المرنة»، كشريك رئيسي للجمعية القبطية للرعاية الاجتماعية، حيث تُعد جمعية المكتب العربي في مقدمة الجمعيات الأهلية التي تمتلك خبرات كبيرة في مجال البيئة والتنمية المستدامة عامةً، وفي مجال مشروعات التكيف والمرونة مع التغيرات المناخية بشكل خاص، كما يتعاون في تنفيذ المشروع، على المستوى المحلي في مناطق العمل المستهدفة، جمعية «مصر الإرادة» بمحافظة القاهرة، وجمعية «الإخلاص القبطية للتنمية» بمحافظة بني سويف.

ويهدف المشروع، بوجه عام، إلى تقديم تجربة جادة يمكن تكرارها في أماكن أخرى، للمساهمة في تحسين الوضع البيئي، وزيادة الاستفادة من الموارد البيئية المتاحة، وذلك في ثلاث مجتمعات مستهدفة على المستويين الحضري والريفي، بمحافظتي القاهرة وبني سويف، حيث يستهدف المشروع من محافظة القاهرة منطقة «مؤسسة الزكاة» التابعة لحي المرج، ومن بني سويف عزبة «الفنت»، التابعة لمركز الفشن، وعزبة «جليلة» بمركز ببا، ويبلغ إجمالي عدد المستهدفين داخل تلك المجتمعات حوالي 3000 أسرة.

يحرص المشروع اتباع المنهجية التشاركية والتنسيقية مع كل الجهات الحكومية والمحلية ذات الصلة، وكذلك القيادات والكوادر المجتمعية في تحقيق نتائجه المخطط لها، وذلك في جميع مراحل تنفيذ المشروع ومراحل المتابعة والتقييم، من خلال تشكيل عدد ثلاثة لجان على المستوى المجتمعي والمحلي داخل المجتمعات المستهدفة والمنوطين بتفعيل الدور المجتمعي والتشاركي في كل أنشطة المشروع.

ويسعى مشروع «المجتمعات الإنتاجية المرنة»، إلى الوصول للنتائج المخططة من خلال مجموعة من الأنشطة، التي تهدف إلى تأهيل وتمكين عدد 20000 مستهدف من ممارسة السلوكيات البيئية المستدامة، خاصةً فيما يتعلق بقضية التغيرات المناخية، وذلك عن طريق تنفيذ مجموعة من برامج رفع الوعي، وبناء القدرات، مثل ورش العمل ولقاءات التوعية، بالإضافة إلى التواصل مع المستفيدين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كما يحرص المشروع على تقديم برامج الدعم المؤسسي والفني لممثلي اللجان المجتمعية والمحلية والجمعيات القاعدية بالمناطق المستهدفة، طوال فترة تنفيذ المشروع.

ويخطط المشروع إلى نشر وترويج كيفية ترشيد مورد الطاقة، والتوعية بنظم الطاقة البديلة، من خلال العمل على استبدال نظم الإنارة لعدد 1800 أسرة، واستبدالها بإضاءة مرشدة صديقة للبيئة، كذلك يعمل المشروع على إنارة ما يقرب من 27 شارعاً داخل المناطق المستهدفة، من الشوارع ذات الأولوية، بنظم الإضاءة الموفرة، بالتنسيق مع الجهات المحلية داخل المجتمعات المستهدفة.

وبالنسبة لاستخدامات الطاقة البديلة، يسعى المشروع إلى نشر استخدامات الطاقة الشمسية، من خلال إنشاء عدد 8 نماذج تعمل بالطاقة الشمسية من المستهدف أن يجري تركيبها على منشآت حيوية، كأماكن العبادة، علاوة على تطبيق نماذج لاستخدام ماكينات ري الأراضي الزراعية بالطاقة الشمسية.

ويسهم المشروع أيضاً في نشر تكنولوجيا البيوجاز لإنتاج الطاقة النظيفة، والسماد العضوي، من خلال تركيب عدد 100 وحدة بيوجاز داخل المجتمعات الريفية المستهدفة، ليصل بذلك متوسط المستفيدين من هذه الوحدات إلى ما يقرب من 500 مستفيد، وفي إطار العمل على الحد من اثار التلوث البيئي، يقوم المشروع بأعمال تغطية للمصارف، وذلك لمسافة تمتد لنحو 1000 متر، داخل مجتمعي «مؤسسة الزكاة» بالقاهرة، وقرية «جليلة» في بني سويف.

ومن الأهداف الهامة التي يخطط المشروع إلى تحقيقها، هو استهداف فئات الشباب والمرأة، من خلال إشراكهم في كافة أنشطة المشروع، حيث يحرص المشروع على تخصيص مكون خاص لبناء قدرات الشباب والمرأة، حول كيفية ريادة المشروعات متناهية الصغر عامةً، والمشروعات الخضراء بشكل خاص، فضلاً عن عمل المشروع على توفير الدعم الفني والمالي لتوفير فرص عمل لمشروعات خضراء، وذلك لما يقرب من 45 مشروعاً من المشروعات متناهية الصغر وصديقة البيئة.

وتعتمد منهجية مشروع «المجتمعات الإنتاجية المرنة» في تحقيق النتائج المرجوة، بشكل رئيسي، على إدماج فئات الشباب من الجنسين، وإحداث التكامل مع قطاعات المرأة وذوي الاحتياجات الخاصة، وذلك بالتعاون مع القيادات الدينية والمجتمعية والمحلية والبرلمانية وممثلي الجمعيات القاعدية بالمجتمعات المستهدفة.

وعن القيمة المضافة لمشروع «المجتمعات الإنتاجية المرنة»، فإنه يسعى بشكل رئيسي إلى تكوين الشراكات مع كل الجهات المعنية وذات الصلة بتحقيق اهداف التنمية المستدامة و«رؤية مصر 2030»، وكذلك يسعى المشروع إلى تأصيل التعاون والتشبيك مع كل المبادرات الحكومية المعنية بتحقيق التنمية المستدامة، وفي مقدمتها مبادرة «حياة كريمة»، ومبادرة «تكافل وكرامة»، حيث سيتم الربط والتشبيك مع قاعدة المستفيدين من هذه البرامج لتعظيم النتائج المخططة.

ويسعى مشروع «المجتمعات الإنتاجية المرنة»، مع خلال التعاون مع الاتحاد الأوروبي، وشبكة الشركاء المحليين، إلى تقديم خدمات تنموية، وطرح رؤى لمشروعات من شأنها أن تسهم في زيادة مرونة المجتمعات لمواجهة تأثيرات التغيرات المناخية، الحد من تداعياتها، وخلق نماذج لمناطق حضرية وريفية أكثر استدامة، مع الاهتمام بالقطاعات المختلفة من الشباب والمرأة وذوي الاحتياجات، من خلال تأهيلهم وتمكينهم من تناول أفكار لمشروعات ووظائف خضراء، وذلك تماشياً مع سياسات الدولة التنموية، التي تسعى بكل جهد إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة و«رؤية مصر 2030».