يثير تفشي السلالة الجديدة من فيروس كورونا الذعر في عدد من دول العالم، وتحديداً في أوروبا، حيث بدأت معظم الدول في اتخاذ إجراءات احترازية لمنع وصول السلالة الجديدة إلى أراضيها، في الوقت الذي عقدت فيه منظمة الصحة العالمية اجتماعاً طارئاً للخبراء، لتقييم مخاطر متحور فيروس كورونا الجديد.

يكمن القلق من السلالة الجديدة لفيروس كورونا، التي يُطلق عليها اسم «أوميكرون – Omicron»، أو «بي 529.1.1»، في أنها تحتوي على ما يُسمى «بروتين سبايك»، وهو نوع مختلف تماماً عن البروتين الموجود في فيروس كورونا الأصلي، الذي تم تصنيع اللقاحات المضادة لـ«كوفيد-19» على أساسه.

ووفق علماء ودوائر طبية، فإن السلالة الجديدة لديها القدرة على الخضوع لمجموعة من الطفرات، التي تثير القلق، لأنها تساعد الفيروس على تجنب الاستجابة المناعية للجسم، وتجعلها أكثر قابلية للانتقال، مما ينذر بموجة سريعة الانتشار وأشد خطورة من الجائحة.

وبحسب ما أوردت شبكة «سكاي نيوز» نقلاً عن مصادر طبية، فإن متحور «أوميكرون» الجديد يحتوي على 32 طفرة في «بروتين سبايك»، وهو جزء من الفيروس تستخدمه معظم اللقاحات لتهيئة جهاز المناعة ضد فيروس كوفيد-19، ويزيد هذا العدد من الطفرات بمقدار الضعف مقارنة بالمتحور «دلتا».

وقال وزير الصحة البريطاني، ساجد جافيد، إن «المؤشرات الأولية التي لدينا على هذا المتحور تشير إلى أنه قد يكون أكثر قدرة على العدوى من المتحور دلتا، وأن اللقاحات التي لدينا حالياً قد تكون أقل فعالية في منع الإصابة به»، ولفت إلى أن العلماء البريطانيين «قلقون للغاية» من هذه النسخة الجديدة المتحورة، التي حملتها جنوب أفريقيا المسؤولية عن الزيادة الأخيرة في أعداد الإصابات بالفيروس في البلاد.

لكن التغير الجديد في تركيب «أوميكرون» كان كبيراً للغاية، لدرجة أن عدداً من العلماء يعتقدون أنهم يواجهون فيروسا جديداً من نوع مختلف، ما يعني أن تركيب البروتين الشوكي الذي ينتج الجسم أجساما مضادة له قد تغير، وهو ما يشير إلى أن اللقاحات المتوفرة حالياً، والتي تعتمد على نسخة معينة من تركيب (mRNA) لفيروس كورونا والمسؤولة عن إنتاج البروتين الفيروسي، سينتج عنها أجسام مضادة غير فعالة.

ونقلت صحيفة «غارديان» عن ويندي باركلي، خبيرة فيروسات الجهاز التنفسي في «إمبريال كوليدج لندن»، أن الأجسام المضادة تحمي الجسم البشري من الفيروسات، عن طريق التهامها ومنعها من إصابة الخلايا البشرية، وللقيام بذلك، يجب أن تتعرف هذه الأجسام المضادة (الناتجة عن التلقيح بأحد لقاحات كورونا) على أجزاء معينة من الفيروس.

وتلتصق معظم الأجسام المضادة للفيروس بواحد من ثلاثة مواقع على الفيروس، وهي الأماكن التي تغيرت جميعها في متحور «أوميكرون»، ما يعني أن الأجسام المضادة التي تنتجها اللقاحات أو العدوى السابقة قد تكون أقل فعالية، إذ لن تتعرف على الأماكن التي يجب عليها أن تلتصق بها لتمنع الفيروس من الالتصاق بالخلايا البشرية.

وقالت باركلي إن «الأمر المختلف قليلاً حول هذا المتحور الجديد هو أنه يحتوي على متغيرات عدة، لدرجة أن جميع مواقع البروتين الشوكي التي نعرف عنها تقريباً كل شيء قد تغيرت في هذا الفيروس»، وأَضافت أن هذا يشير إلى أن الأجسام المضادة التي تنتجها اللقاحات ستضعف قدرتها على تحييد الفيروس، بينما أكدت أن هناك حاجة لمزيد من البحث لإثبات هذه النظرية.

وهذه النقطة بالتحديد هي ما يعمل العلماء على دراستها في الوقت الراهن، للتأكد من مدى فعالية اللقاحات، وما ينتج عنها من دفع الجسم البشري لإنتاج أجسام مضادة، ربما تكون قادرة على التصدي لمتحور «أوميكرون» وبروتينه الشوكي المختلف، وهو ما يتوقع أن يتم خلال الأيام