مخاوف متزايدة في منطقة الشرق الأوسط من تداعيات الأزمة الحالية بين روسيا وأوكرانيا على الأمن الغذائي لشعوب دول المنطقة، التي تعتمد بشكل كبير على واردات القمح من السوقين الروسي والأوكراني، بالإضافة إلى التأثيرات السلبية التي من المتوقع أن تلقي بها هذه الأزمة على القطاع السياحي في العديد من الدول الشرق أوسطية، وفي المقدمة منها مصر.

وشهدت الأيام الماضية مخاوف من تأثر واردات القمح بالأزمة الحالية، وذكرت وكالة «بلومبرج»، في تقرير لها، أن دول الشرق الأوسط وأفريقيا، ومن أبرزها مصر، ستكون الأكثر تضرراً من الأزمة الحالية، حيث تمثل أسواق روسيا وأوكرانيا ربع تجارة القمح، وخمس تجارة الذرة عالمياً، وأوضحت الوكالة أن أغلب الدول بدأت تبحث عن بدائل للسوقين.

وأكدت الهيئة العامة للسلع التموينية في مصر، في بيان لها، أنه تم تأمين سفينة الشحن المصرية «وادي العرب»، التي تحركت بالفعل من ميناء «يوزني» في أوكرانيا، محملة بشحنة من القمح المتعاقد عليها في وقت سابق مع أوكرانيا، بحمولة 60 ألف طن قمح، بسعر 361.25 دولار للطن، حيث تأتي هذه الشحنة ضمن ما تعاقدت عليه الهيئة في 29 ديسمبر 2021، لتوريد 300 ألف طن قمح.

وفي الغضون، اضطرت الهيئة الحكومية المصرية إلى إلغاء مناقصة دولية لشراء القمح، بعد أن تقدم عرض واحد فقط، وأرجعت وكالة «رويترز» للأنباء قرار هيئة السلع التموينية بإلغاء تلك المناقصة، جاء بسبب قلة إقبال المصدرين الراغبين في المشاركة بعروضهم، بفعل الأزمة الروسية الأوكرانية الراهنة، التي من المتوقع أن تطول تداعياتها أنخاء مختلفة من العالم.

كما شهدت حركة صادرات الحاصلات الزراعية المصرية إلى روسيا حالة من الارتباك، إذ تحتل موسكو المرتبة الأولى بين مستوردي الحاصلات المصرية، بالتبادل مع المملكة العربية السعودية في بعض السنوات، كما تزايدت المخاوف لدى المصدرين بشأن تمكنهم من تحصيل مستحقاتهم المالية، بعد العقوبات المفروضة على موسكو.

وتُعد روسيا أحد أهم الأسواق المستقبلة للصادرات المصرية، بإجمالي 489 مليون دولار في 2021، مقابل 416 مليون دولار في 2020، بنمو 17.5%، وقال هشام النجار، نائب رئيس المجلس التصديري للحاصلات الزراعية، إن روسيا من الأسواق الأساسية للحاصلات الزراعية المصرية، وعلى رأسها الموالح والبصل والثوم ومنتجات أخرى متنوعة، وتوقع «النجار» أن تؤثر الأزمة الأوكرانية على صادرات الحاصلات الزراعية المصرية، باعتبارها أكبر المنتجات التي تحصل عليها من مصر.

وبالإضافة إلى الضغوط التي تفرضها العمليات العسكرية التي تنفذها القوات الروسية في الأراضي الأوكرانية على واردات القمح، وصادرات الحاصلات الزراعية، فإن القطاع السياحي المصري يترقب الانعكاسات السلبية، التي من المتوقع أن تحدث نتيجة الأزمة بين اثنتين من أكثر الدول التي يفد منها السائحون إلى مصر.

وبينما قالت مصادر سياحية إن شركات السياحة لم ترصد أي إلغاءات لرحلات سياحية قادمة من روسيا خلال الأيام الماضية، لكنها توقعت انخفاض الطلب على الحجوزات بين 7 و11% خلال الشهرين المقبلين، حال استمرار العقوبات الاقتصادية الغربية على موسكو، ووصول الدولار إلى نحو 100 روبل، وأضافت المصادر أن الانخفاض النسبي في الطلب من السوق الروسي سيقابله توقف شبه تام، لعدم وضوح الرؤية في السوق الأوكراني، وإغلاق المجال الجوي بسبب العمليات العسكرية.

وأوضحت المصادر أن التراجع الأكبر سيكون في السياحة الأوكرانية، التي تجاوزت 650 ألف سائح خلال العام الماضي، لكنها ستتراجع بشدة خلال الشهرين المقبلين، لحين انفراج الأزمة السياسية بين البلدين، أما التراجع في السياحة الروسية سيكون نسبياً، جراء الضغوط على عُملتها.

وكذلك توقع مصدر في مصانع الحديد، العاملة بنظام الدورة المتكاملة، ارتفاع أسعار حديد التسليح بقيمة 500 جنيه للطن خلال مارس المقبل، في ظل الأزمة الروسية الأوكرانية حالياً، وفقاً لتقرير أوردته صحيفة «البورصة»، أشار إلى أن أوكرانيا كانت تُعد أحد أهم الأسواق التي تستورد منها مصر خام «البيليت»، كما كانت واحدة من الدول التي تعتمد عليها مصر في استيراد حديد التسليح.