وجهت الدورة الـ27 لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «COP-27» المنعقدة حالياً في مدينة شرم الشيخ، نداءً عالمياً من الالتزام بالعمل على تمويل مشروعات الحد من التغيرات المناخية وتخفيف حدتها، والتكيف مع تداعياتها، وتعويض الخسائر والأضرار الناجمة عنها، وذلك ضمن فعاليات «يوم التمويل»، الذي افتتحت به قمة شرم الشيخ سلسلة الأيام المواضيعية، التي يجري تنفيذها لأول مرة.

جاء اختيار قضية التمويل لتشكل بداية الأيام المواضيعية لقمة المناخ في شرم الشيخ، والتي تتضمن 11 موضوعاً ترتبط بقضية التغيرات المناخية، باعتبار أن التمويل يمثل أحد أبرز القضايا الملحة على صعيد العمل المناخي، كما تشكل حجز الزاوية للمضي قدماً في مواجهة التداعيات الناجمة عن التغيرات المناخية، بهدف إنقاذ أرواح البشر، وتحسين سبل العيش في مختلف أنحاء العالم.

تناول «يوم التمويل» عقد العديد من الجلسات والحلقات النقاشية، من ضمنها جلسة عامة حول «تمويل المناخ في عصر تعدد الأزمات»، كما شهد إطلاق الرئاسة المصرية لمؤتمر الأطراف مبادرة لخفض تكلفة الاقتراض لمشروعات التنمية المستدامة، بالإضافة إلى إطلاق مبادرة باسم «تراس» (TRACE)، من خلال تحالف يضم عدداً من مؤسسات الذكاء الاصطناعي إلى جانب مجموعة من الخبراء والباحثين ومنظمات المجتمع المدني، بهدف قياس الانبعاثات الكربونية عن المؤسسات الدولية الكبرى.

كما تضمنت الموضوعات التي تم مناقشتها خلال الفعاليات والأحداث الجانبية، التي تم تنظيمها خلال يوم التمويل بقمة شرم الشيخ، العديد من جوانب النظام البيئي للتمويل المناخي، بما في ذلك التمويل المبتكر والمختلط، والأدوات المالية، والسياسات التي لديها القدرة على تعزيز الوصول، وتوسيع نطاق التمويل، والمساهمة في الانتقال العادل المنشود، بما في ذلك أفكار مبادلات الديون مقابل البيئة.

وكشف وزير الخارجية، السفير سامح شكري، رئيس الدورة الـ27 لمؤتمر الأطراف COP-27، عن أن يوم التمويل تميز بإطلاق برنامج قوي، يتكون من 26 فعالية، لتسليط الضوء على التنفيذ والانتقال العادل والمنصف في أفريقيا، بما في ذلك اجتماع مائدة مستديرة على المستوى الوزاري، كما شهد إطلاق العديد من المبادرات، أبرزها مبادرة خفض تكلفة الاقتراض المستدام.

وبحسب سكرتارية اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ، فإن التقديرات تشير إلى أن العالم يحتاج ما بين 4 و7 تريليونات دولار سنوياً، للتحول نحو التنمية المستدامة، وتحقيق أهداف «اتفاق باريس» بشأن العمل على منع ارتفاع درجة حرارة الغلاف الجوي لكوكب الأرض بأكثر من 1.5 درجة مئوية، عما كانت عليه قبل عصر الثورة الصناعية.

وجاء في بيان حصلت «جسور 2030»، على نسخة منه، أن الأحداث والفعاليات التي عقدت في إطار يوم التمويل، أمس الأربعاء، أسهمت في الجمع بين مختلف الأطراف وأصحاب المصلحة المعنيين بأجندة المناخ، من القطاعين العام والخاص، والمؤسسات الخيرية، وبنوك التنمية متعددة الأطراف، وهيئات الأمم المتحدة، بهدف صياغة خطة تمويل شاملة وعادلة، لدعم دول الجنوب في تنفيذ خطط التكيف والتخفيف الخاصة بها، بالإضافة إلى تجديد التزام الدول المتقدمة بتوفير التمويل اللازم لعدم ترك أي أحد يتخلف عن الركب.

وحظي ملف التمويل، باهتمام كبير في كلمة رئيس مجلس الوزراء، الدكتور مصطفى مدبولي، خلال الجلسة الافتتاحية لأعمال قمة المناخ الـ27، حيث تحدث عن أهمية يوم التمويل، كما عرض برنامجاً مكثفاً، تضمن مناقشة الموضوعات التي تشجع القطاع المالي على المساعدة في التحول إلى اقتصاد مستدام، كما أعرب عن أمله في أن تترجم المحادثات إلى التزامات جادة للتمويل.

وفي الجلسة العامة، التي عقدت بعنوان «تمويل المناخ في عصر تعدد الأزمات»، تم التطرق إلى عدة موضوعات، منها التمويل المبتكر، وتمويل الانتقال العادل، والديون السيادية من أجل الاستدامة وتغير المناخ، ودور القطاع الخاص في تعبئة الموارد، كما تم تسليط الضوء على التمويل الخاص باعتباره ضرورياً لتقديم تريليونات الدولارات اللازمة للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية، والطموح والعمل والمساءلة التي تم تحديدها على أنها ضرورية لإطلاق التمويل.

أتاحت الجلسات، فرصة لوزراء المالية، من الدول الأطراف، لإعادة تأكيد التزاماتهم تجاه العمل المناخي، إلى جانب دعوة للإقرار بالالتزام بالتمويل للخسائر والأضرار والالتزام بها، كما تمت معالجة الوصول إلى التمويل منخفض التكلفة، من خلال الحلول العملية والصفقات والالتزامات والتعهدات لخفض تكلفة القروض الخضراء، وكذلك تضمنت المناقشات خطط التكيف وزيادة القدرة على التعامل المصرفي، وجاذبية المستثمرين في مشروعات التكيف.

وضمن فعاليات يوم التمويل، أقيمت عدة ندوات منها تعبئة التمويل للعمل المناخي، حيث كانت الفكرة الرئيسية هي الدعوة إلى مضاعفة التمويل في عام 2025، مقارنةَ بمستويات ما كانت عليه في عام 2019، من خلال التزام البلدان المتقدمة بزيادة التمويل، إضافة إلى خفض تكلفة الاقتراض الأخضر، حيث تم استعراض الحلول والتعهدات اللازمة لخفض تكلفة القروض الخضراء.

كما تم تنظيم جلسة حوارية رفيع المستوى حول سد الفجوة المالية للحلول المستندة على الطبيعة، تم خلالها مناقشة موضوعات الزراعة المستدامة وإدارة الغابات، بما في ذلك اتخاذ تدابير وإجراءات عملية يمكن أن تساعد في توفير ما يزيد على 2 تريليون دولار سنوياً من خلال الفوائد الاقتصادية، بالإضافة إلى توفير ملايين الوظائف سنوياً في البلدان النامية، فضلاً عن تحسين الأمن الغذائي.

وتضمن «يوم التمويل»، عقد عدة فعاليات خاصة بالقطاع المصرفي بمشاركة بنوك التنمية متعددة الأطراف، وعدد من البنوك التجارية، والمؤسسات الخيرية العاملة في مجال تمويل المناخ، أظهرت المناقشات أن بنوك التنمية، رغم الكثير من التحديات المؤسسة، مازالت إلى حد كبير، تشكل الوسطاء الأكثر فاعلية في تعبئة الموارد لمساعدة البلدان الفقيرة في التعامل مع أزمات المناخ.

وفي هذا الإطار، عقد أحد البنوك العاملة في مصر، جلسة حوارية داخل جناح البنك المركزي المصري، بعنوان «دور الصيرفة الإسلامية في تحسين الحياة الاجتماعية والمالية.. التحديات والفرص التي تضمن الاستدامة والنمو»، بحضور الدكتور هاني سويلم، وزير الموارد المائية والري، فيما عقدت الشبكة العربية للبيئة والتنمية «رائد»، بالتعاون مع الجمعية الكويتية لحماية البيئة، وجمعية الجيل الأخضر البيئية بالأردن، حلقة نقاشية بعنوان «معالجة التحديات المالية والمتعلقة بالقدرات للتكيف مع المناخ من أجل تعزيز القدرة على الصمود وتسليط الضوء على الحلول القائمة على الطبيعة في المنطقة العربية».

واختتمت فعاليات يوم التمويل باجتماع لرؤساء صناديق الثروة السيادية الأفريقية، بهدف حشد الاستثمارات والشراكات بين القطاعين العام والخاص لزيادة العمل المناخي، تم خلاله التطرق إلى مبادرة أسواق الكربون في أفريقيا، والتي تهدف إلى خفض البصمة الكربونية لدول القارة بما يتجاوز 300 وحدة «كريديت» سنوياً حتى عام 2030، ترتفع إلى 1.5 مليار «كريديت» سنوياً بحلول عام 2050، بالإضافة إلى دعم 30 مليون وظيفة حتى 2030، تصل إلى 110 ملايين وظيفة في 2050.