اختتم مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP27) باتفاق تاريخي على إنشاء آلية جديدة لتمويل الخسائر والأضرار التي تلحق بالبلدان الضعيفة، التي تضررت بشدة من الكوارث المناخية، بعد مفاوضات شاقة استمرت على مدار 14 يوما، بعد تمديد أكبر تجمع عالمي حول العمل المناخي ليومين إضافيين.
وقال سيمون ستيل، الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ: «هذه النتيجة تدفعنا إلى الأمام، لقد حددنا طريقًاً للمضي قدماً، بشأن مشاورات استمرت عقوداً حول تمويل الخسائر والأضرار، ومناقشة كيفية معالجة الآثار على المجتمعات التي دمرت حياتها وسبل عيشها، بسبب التأثيرات السلبية لتغير المناخ».
وتضمن البيان الختامي للدورة 27 لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP27)، الذي عُقد في مدينة شرم الشيخ، خلال الفترة من 6 إلى 20 نوفمبر، برئاسة وزير الخارجية، السفير سامح شكري، مجموعة من القرارات، تم إقرارها وسط ظروف «جيوسياسية» بالغة الصعوبة.
واعتمدت الدول الأطراف في الاتفاقية مجموعة من القرارات تعكس التزامها بالعمل على الحد من ارتفاع حرارة الأرض بما لا يتجاوز 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، كما عززت حزمة إجراءات تستهدف خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري والتكيف مع الآثار الحتمية لتغير المناخ.
وتضمن الإعلان السياسي الصادر في ختام قمة المناخ صباح اليوم الأحد، العمل على تعزيز دعم التمويل والتكنولوجيا، وبناء القدرات في البلدان النامية، في الوقت الذي شكل فيه إنشاء صندوق الخسائر والأضرار نقطة مهمة للتقدم، بعد إضافة القضية إلى جدول الأعمال الرسمي، واعتمادها لأول مرة في (COP27).
وأعلن الوزير سامح شكري، رئيس الدورة الحالية لمؤتمر الأطراف، خلال الجلسة الختامية التي بدأت بعد منتصف الليلة الماضية واستمرت حتى قرابة ظهر اليوم، أن الحكومات اتخذت قراراً رائداً بوضع ترتيبات تمويل جديدة، فضلاً عن صندوق مخصص لمساعدة البلدان النامية في الاستجابة للخسائر والأضرار.
وأشار «شكري» إلى أن حكومات الدول الأطراف وافقت أيضاً على إنشاء «لجنة انتقالية»، لتقديم توصيات حول كيفية تفعيل ترتيبات التمويل الجديدة، في الدورة المقبلة للمؤتمر (COP 28)، بدولة الإمارات العربية المتحدة، ومن المتوقع أن تعقد اللجنة الاجتماع الأول قبل نهاية مارس 2023.
وتضمن البيان الختامي لمؤتمر قمة المناخ «شرم الشيخ 2022»، الذي استضافته مصر نيابةً عن القارة الأفريقية، أن الدول الأطراف اتفقت أيضاً على الترتيبات المؤسسية لتفعيل «شبكة سانتياغو» للخسائر والأضرار، لتحفيز المساعدة التقنية للبلدان النامية المعرضة للآثار الضارة لتغير المناخ.
كما شهد مؤتمر (COP27) تقدماً كبيراً فيما يتعلق بمحور التكيف، حيث اتفقت الحكومات على طريقة للمضي قدما في الهدف العالمي الخاص بالتكيف، والذي سينتهي في (COP28)، حيث من المتوقع أن يتم تقديم التقييم العالمي الأول، بهدف تحسين المرونة ودعم صمود الفئات الأكثر ضعفاً.
ولفت البيان الختامي لمؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ، إلى أن قمة شرم الشيخ شهدت تقديم تعهدات جديدة بحزم تمويلية، بلغ مجموعها أكثر من 230 مليون دولار، حيث تساعد هذه التعهدات العديد من المجتمعات الضعيفة على التكيف مع تغير المناخ، من خلال حلول تكيف ملموسة.
وكذلك، أعلن سامح شكري، رئيس (COP27)، عن خطة شرم الشيخ للتكيف وتعزيز المرونة للأشخاص الذين يعيشون في المجتمعات الأكثر عرضة لتغير المناخ بحلول عام 2030، وطُلب من اللجنة الدائمة المعنية بالتمويل، التابعة للأمم المتحدة، إعداد تقرير حول مضاعفة تمويل التكيف لتقديمه إلى (COP28).
وتتضمن الخطة التنفيذية، التي تم الإعلان عنها في ختام الاجتماعات الرئاسية في شرم الشيخ، تسليط الضوء على أن التحول العالمي إلى اقتصاد منخفض الكربون، يتطلب استثمارات تتراوح بين 4 و6 تريليونات دولار سنوياً، مما يتطلب تحولاً سريعاً وشاملاً للنظام المالي العالمي وهياكله وعملياته.
كما أعرب «شكري» عن قلقه البالغ إزاء هدف الدول الأطراف المتمثل في حشد 100 مليار دولار سنوياً، والذي كان من المقرر أن يدخل حيز التنفيذ منذ عام 2020، إلا أنه لم يتم الوفاء به بعد، وحث الدول المتقدمة إلى الالتزام بتعهداتها، كما دعا بنوك التنمية متعددة الأطراف إلى تعبئة التمويل المتعلق بالمناخ.
وفي مؤتمر صحفي ختامي، قال رئيس مؤتمر (COP27) إن «العمل الذي تمكنا من القيام به هنا في الأسبوعين الماضيين، والنتائج التي حققناها معاً، هي شهادة على إرادتنا الجماعية كمجتمع دولي، للتعبير عن رسالة واضحة بصوت عالٍ، هنا في هذه الغرفة، وحول العالم».
وأوضح أن الرسالة تتمثل في أن «الدبلوماسية متعددة الأطراف لا تزال تعمل»، وأضاف أنه على الرغم من الصعوبات والتحديات، وتباين وجهات النظر والطموحات، نظل ملتزمين بمكافحة تغير المناخ، لقد تحملنا مسؤولياتنا، واتخذنا القرارات السياسية الحاسمة، التي يتوقعها منا الملايين حول العالم».
وبحسب الموقع الرسمي لاتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ، فقد جمع مؤتمر (COP27) أكثر من 45 ألف مشارك، لتبادل الأفكار والحلول وبناء الشراكات والائتلافات، وعرضت منظمات تمثل الشعوب الأصلية والمجتمع المدني، بما في ذلك الشباب والأطفال، كيف تتعامل مع التغيرات المناخية.