يُعدّ البحث العلمي والتطوير هو القاعدة الأساسية التي تنطلق منها عملية تحويل الفكرة إلى تطبيق فعلي، والانتقال من النظرية إلى الواقع، عن طريق تطوير آليات مدروسة، بهدف استغلال الموارد المتاحة، لتلبية الاحتياجات الحالية للأفراد والمجتمعات، وتحقيق تنمية متلازمة تحظى بصفة «الاستدامة»، وتنعكس ثمارها على أجيال المستقبل، ومما لاشك فيه أن المعرفة المكتسبة نتيجة للبحث العلمي والتطوير، لا يمكن أن تبصر النور دون تكاتف الشراكات بين البحث العلمي والجامعات والمؤسسات الأكاديمية والاقتصادية والشركات الإنتاجية في المجتمع.

ورغم أن كثيراً من الدول المتقدّمة والشركات العالمية الكبرى، وبعض الدول النامية، شرق وجنوب شرق آسيا، تنبهت لحقيقة هذه العلاقة مبكراً، فعملت على رفع رأس المال الذي تنفقه على البحث والتطوير في كافّة قطاعات المجتمع، بشكل ملحوظ، خصوصاً في العقود الأخيرة، فقد ظل نصيب البحث العلمي وارتباطه بالتطوير والاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية، في كثير من الدول العربية، متواضعاً ومحدوداً، حتى برزت الحاجة الماسّة لزيادة الشراكات العملية المثمرة بين مؤسسات البحث العلمي والقطاعات الاقتصادية في مختلف الدول العربية، وتعزيز تواصلها واستفادتها من الخبرات العالمية ونظيرتها العربية في المهجر.

وانطلاقاً من أهمية دور البحث العلمي في الارتقاء بالمجتمعات وتحسين معيشة البشر، يمثل المنتدى العربي للبحث العلمي والتنمية المستدامة محاولة من المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم «الألكسو»، للمساهمة في دمج وبناء شراكات فاعلة، بين قطاعات التعليم والبحث العلمي، وباقي القطاعات المعنية بالتنمية المستدامة وقضاياها في الوطن العربي، من خلال جمع الخبراء والباحثين والمختصين العرب والمؤسسات والشركات العربية، مع نظرائهم على الصعيدين الإقليمي والدولي، وهو فرصة لاستقطاب العلماء والخبراء العرب في المهجر، بهدف تمكينهم من المساهمة في نقل وتوطين التقنيات المتطورة بالبلدان العربية، والمشاركة في تطوير وتنفيذ برامجها التنموية.

تأتي الدورة التاسعة للمنتدى العربي للبحث العلمي والتنمية المستدامة لهذا العام بعنوان «الباحثات العربيات لتحقيق التنمية المستدامة»، وتحمل دورة 2023 من المنتدى شعار «الباحثة العربية.. إرادة جادة من أجل تحقيق تنمية مستدامة»، حيث من المقرر أن تُعقد في العاصمة العمانية مسقط، على مداري يومي 30 و31 يناير الجاري.

ويهدف المنتدى العربي للبحث العلمي والتنمية المستدامة إلى تعزيز مساهمة المؤسسات والهيئات والجامعات ومراكز البحث العلمي والباحثين والمبتكرين في القضايا التنموية العربية، وتمكين الشراكات بين الجامعات ومراكز ومؤسسات البحث والتطوير من جهة، مع تشجيع الباحثين والمبتكرين العرب وربطهم بالشركات المتخصصة بهدف تحويل ابتكاراتهم إلى منتجات ومشروعات اقتصادية فعليّة، وكذا المساهمة في تعزيز دور القطاع الخاص في دعم وتشجيع وتمويل أنشطة البحث العلمي في الدول العربية، وفي الاستثمار في رأس المال المُستثمر لدعم البحث العلمي.

كما يتطرق المنتدى الإقليمي السنوي للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم إلى مناقشة تطوير أدوات النشر العلمي العربية، وتصنيع الوسائل والمستلزمات التعليمية وصناعة المحتوى الرقمي العربي، وكذلك عرض التجارب والخبرات العربية والعالمية التي نجحت في ربط البحث العلمي بالتنمية المستدامة، وتمكين الدول والمؤسسات العربية من الاستفادة منها.

تتضمن أجندة فعاليات دورة 2023 من المنتدى العربي للبحث العلمي والتنمية المستدامة عدداً من المحاور حول دور الباحثة العربية في عدد من القضايا، منها معالجة قضايا البيئة والمياه والتصحر والتغير المناخي، والبحوث الزراعية لتحقيق الأمن الغذائي المستدام، وأيضا تطوير قطاع الصحة وتحقيق إنجازات طبية، وتطوير التحوّل الرقمي والذكاء الاصطناعي.

ويتناول المنتدى دور الباحثات العربيات في قضايا الطاقة والهندسة، وكذا مساهمات الباحثات العربيات في ريادة الأعمال من أجل تحقيق التنمية المستدامة، وقصص النجاح التي حققتها رائدات الأعمال في مختلف الدول العربية.