بينما تتواصل جهود البحث عن طرق جديدة لخفض انبعاثات الاحتباس الحراري، والحد من تأثيرات التغيرات المناخية، تمكن فريق من الباحثين من إنتاج نوع جديد من السبائك الفائقة، باستخدام طابعات ثلاثية الأبعاد، يمكن أن تقدم حلولاً سحرية لتوليد المزيد من الكهرباء، مع إنتاج كميات أقل من الانبعاثات الكربونية.

استخدم الباحثون في مختبرات «سانديا» الوطنية، في الولايات المتحدة، بالتعاون مع باحثين من مختبر «أميس» الوطني، وجامعة ولاية أيوا، وشركة «بروكر»، المتخصصة في صناعة الأجهزة العلمية والمواد للأبحاث الجزيئية، طابعة ثلاثية الأبعاد، لإنتاج سبائك معدنية عالية الأداء، تُعرف بالسبائك الفائقة، تتميز بأنها أكثر قوة وأخف وزناً من المواد المستخدمة في تصنيع ماكينات التوربينات الغازية.

تفتح هذه السبائك الفائقة، التي تم إنتاجها بواسطة طابعة ثلاثية الأبعاد من تركيبة غير تقليدية، آفاق جديدة أمام قطاع الطاقة، أحد أكثر القطاعات التي يُلقى عليها باللوم في قضية التغيرات المناخية، كما يمكن الاستفادة بها في تطوير صناعات الطائرات والسيارات، كما أنها تمهد الطريق أمام إنتاج فئة جديدة من السبائك المماثلة، التي تنتظر من يكتشفها.

ووفقاً للتجارب، التي نشرت نتائجها في دورية «آبلايد ماتريالز توداي»، فإن السبائك الفائقة، التي توصل فريق الباحثين إلى إنتاجها، تتميز بقدرتها على تحمل درجات الحرارة العالية، وهي إحدى الميزات الضرورية لتوربينات توليد الكهرباء في محطات الطاقة.

يقول أندرو كوستاس، أحد العلماء في مختبرات سانديا: «توصلنا إلى نتيجة مفادها أن هذه المادة يمكنها أن تتحمل مستويات لم يكن من الممكن الوصول إليها في السابق، من القوة العالية، والوزن الخفيف، والمرونة الكبيرة مع درجات الحرارة المرتفعة»، معرباً عن اعتقاده أن «جزءاً من السبب في تحقيق ذلك، يرجع إلى نهج التصنيع الإضافي».

وبحسب إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، فإن حوالي 80% من الكهرباء في الولايات المتحدة يتم إنتاجها في محطات تستخدم الوقود الأحفوري، أو محطات الطاقة النووية، ويعتمد هذان النوعان من المحطات على الحرارة لتشغيل التوربينات، التي تعمل على توليد الكهرباء، وتعتمد كفاءة محطة الطاقة على مدى قدرة التوربينات المعدنية على تحمل درجات الحرارة العالية.

ويقول سال رودريغيز، مهندس نووي في مختبرات سانديا، لم يشارك في البحث، إنه إذا كان بإمكان التوربينات أن تعمل في درجات حرارة أعلى، فإنه «يمكن تحويل المزيد من الطاقة إلى كهرباء، بالإضافة إلى تقليل كمية الحرارة المهدرة، التي يتم إطلاقها في البيئة».

وتوصل الفريق البحثي إلى إنتاج هذه السبائك الفائقة من خلال تركيبة تضم الألومنيوم بنسبة 42%، والتيتانيوم بنسبة 25%، والنيوبيوم 13%، والزركونيوم 8%، والموليبدينوم 8%، والتنتالوم 4%، وكانت أكثر قوة عند حرارة 800 درجة مئوية، 1472 درجة فهرنهايت، من العديد من الأنواع الأخرى من السبائك عالية الأداء، بما في ذلك المستخدمة في أجزاء التوربينات، كما ظلت أقوى عند إعادة تبريدها إلى درجة حرارة الغرفة.

وبينما يعتبر رودريغيز أن إنتاج هذه السبائك الفائقة يحقق مكاسب مزدوجة، سواء على صعيد توليد من الطاقة الاقتصادية، أو على الصعيد البيئي لتخفيف الانبعاثات المسببة للتغيرات المناخية، يشير الباحثون إلى أن قطاع الطاقة ليس الصناعة الوحيدة التي يمكنها أن تستفيد من هذه النتائج، حيث أن خبراء صناعة الفضاء والطيران يتطلعون، من جانبهم، إلى التوصل لإنتاج مواد مماثلة، تتميز بخفة الوزن، ويمكنها أن تبقى قوية في درجات الحرارة العالية.