تواجه مصر تحديات كبيرة بسبب ارتفاع معدلات النمو السكاني والتصحر وتأثير الملوحة وتأثيرات تغير المناخ، إلى جانب الموارد المائية المحدودة، وتزايد الطلب علي الغذاء، مع زيادة السكان، وفي ظل الموارد الطبيعية المحدودة، والضغوط البيئية، التي تزداد حدتها، بسبب تغير المناخ، ومع استمرار زيادة استهلاك مياه الري، يتعين علي القطاع الزراعي التكيف مع تغير المناخ، وكذلك الموارد المائية المحدودة.

وفي إطار البحث عن موارد مائية غير تقليدية، واستغلال المياه المالحة ومياه الأمطار، أصبح الاستخدام الأمثل للموارد الطبيعية في المناطق المتأثرة بالملوحة، أمراً لابد منه، وهو ما دفع مركز التميز المصري للزراعة الملحية إلى إعداد مشروع مقترح لتحسين المجتمعات الزراعية المتأثرة بالتغيرات المناخية، وهو المشروع الذي تم تقديمه أمام مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP-27) في شرم الشيخ.

الدكتور حسن الشاعر، رئيس مركز التميز المصري للزراعة الملحية، التابع لمركز بحوث الصحراء، أكد في تصريحات لـ«جسور 2030» أنه تم تقديم مقترح المشروع إلى هيئة تمويل العلوم والتكنولوجيا والابتكار (STDF)، وهي هيئة تابعة لوزارة البحث العلمي، أثناء فعاليات مؤتمر قمة المناخ أواخر العام الماضي، وتم بالفعل الموافقة على تمويل المشروع، على أن يجرى تنفيذه في محافظة مطروح، خلال مدة زمنية تستغرق عامين.

وأوضح رئيس مركز التميز أنه تم اختيار محافظة مطروح كمنطقة دراسة لتمثل الساحلي الشمالي الغربي لمصر، نظراً لأنها من أكثر المحافظات تأثراً بتداعيات التغيرات المناخية، والتي تتمثل في انخفاض معدلات هطول الأمطار، وارتفاع نسبة الملوحة في التربة، فضلاً عن ارتفاع درجات الحرارة، مما يؤدي إلى زيادة معدلات استخدامات مياه الري، وكذلك تأثير تسرب مياه البحر إلى خزانات المياه الجوفية الساحلية.

وعن خصائص محافظة مطروح، قال «الشاعر» إن نحو 70% من السكان يعتمدون على الزراعة والإنتاج الحيواني، خاصةً زراعات المحاصيل، مثل القمح والشعير، وكذلك زراعة بعض محاصيل الفاكهة، مثل التين والزيتون والعنب واللوز، بالإضافة إلى زراعة مساحات محدودة من الخضر، وبالرغم من ذلك، فإن نظام الانتاج الحالي متواضع جداً، مما يؤثر على ضعف عائدات المحافظة من الزراعة، مما يستدعي العمل على تطوير هذا القطاع.

وفي إطار الاستعدادات الجارية للبدء في تنفيذ أنشطة المشروع، قام فريق العمل من التخصصات المختلفة بمركز التميز المصري للزراعة الملحية بزيارة 7 مواقع موزعة شرق وغرب مدينة مرسى مطروح، تمثل ظروف مختلفة من خواص التربة، والمياه الجوفية المستخدمة في الري، لجمع عينات من المياه والتربة لتحليلها ودراسة خواصها، لتحديد التحديات والمشاكل التي تواجه المزارعين في هذه المناطق.

وبناءً على نتائج التحليل والدراسة، تم اختيار موقعين لتنفيذ أنشطة المشروع، الذي يتضمن تطبيق نموذج الزراعة المتكاملة للتأقلم مع التغيرات المناخية وتخفيف تأثيراتها السلبية، في المنطقتين اللتين وقع عليهما الاختيار لتنفيذ أنشطة المشروع، بحيث يتم تعميم هذا النموذج على مستوى محافظة مطروح، بنهاية المشروع.

واختتم الدكتور حسن الشاعر تصريحاته بقوله إن المشروع يهدف إلى تحسين سبل عيش المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة، في بيئة مطروح المتأثرة بالملوحة، والتي تعتبر من أكثر المناطق المتأثرة بتغير المناخ، من خلال إدخال أنظمة الإدارة المتكاملة للموارد الطبيعية المتأثرة بالملوحة، لزيادة إنتاجية المحاصيل والثروة الحيوانية، وأكد أن التمكين الاقتصادي والاجتماعي للمزارعين، وتعزيز نشر المعلومات، وبناء قدرات المزارعين، من الأهداف الهامة التي يسعى المشروع إلى تحقيقها