على مدار ما يزيد على 5 سنوات، نظم مشروع «دعم المياه والبيئة»، الذي جرى تنفيذه في عدد من الدول بمنطقة حوض البحر الأبيض المتوسط، بتمويل من الاتحاد الأوروبي، العديد من الأنشطة والفعاليات في مختلف الدول الشريكة، قبل أن يعقد المشروع مؤتمره الختامي في الثامن من أكتوبر الجاري، في العاصمة اليونانية أثينا، لاستعراض نتائج المشروع، الذي تم تنفيذه خلال الفترة بين عامي 2019 و2024، بحضور ممثلين عن كافة الأطراف المشاركة في المشروع.

استهدف مشروع دعم المياه والبيئة (WES)، الذي شاركت في تنفيذه الشبكة العربية للبيئة والتنمية «رائد»، حماية البيئة في الدول الشريكة، وتحسين إدارة موارد المياه الشحيحة في البحر الأبيض المتوسط، وعمل المشروع على معالجة المشاكل المتعلقة بمنع التلوث، وكفاءة استخدام المياه، وبدأت أنشطة المشروع في مايو 2019، بميزانية إجمالية تبلغ 7.9 مليون يورو.

وجاء في بيان صحفي، تلقته «جسور 2030»، أنه تم تنظيم أكثر من 100 نشاط شامل لمشروع دعم المياه والبيئة على أساس الطلب، على المستويين الإقليمي والوطني، حيث تم تقديم المساعدة الفنية إلى 8 بلدان شريكة للمشروع من شمال أفريقيا والشرق الأوسط، من خلال تدخلات، بما في ذلك التدريبات، والزيارات الدراسية إلى بلدان أوروبا وجنوب البحر الأبيض المتوسط، والتبادلات بين الأقران، وورش العمل، والندوات عبر الإنترنت، والاجتماعات التشاورية، شارك فيها حوالى 2200 متدرب.

تناولت أنشطة مشروع دعم المياه والبيئة مجالات ندرة المياه، والتلوث البيئي، من خلال المئات من دراسات الحالات، والممارسات الجيدة التي تعزز المعالجة المناسبة لمياه الصرف الصحي وإعادة استخدامها، والمحاسبة المائية، والحد من المياه غير الربحية، والاحتفاظ بمياه العواصف، وإعادة تغذية طبقات المياه الجوفية، والاستخدام الأمثل للمياه في الري، وتطبيق نماذج أعمال اقتصادية دائرية مبتكرة، ورصد القمامة البحرية وتخفيفها، والحد من المواد البلاستيكية أحادية الاستخدام.

تلقت الإنجازات الفنية الكثيرة لمشروع دعم المياه والبيئة الدعم الموازي من التغييرات المؤسسية لتمكين الشراكات بين القطاعين العام والخاص، والتمويل الأخضر، وتطبيق مبادئ اتفاقية «آرهوس»، وبرامج التعليم من أجل التنمية المستدامة، وتم إكمال حملة المشروع التي تشجع جميع أنواع أصحاب المصلحة على أن يصبحوا «أبطالاً» في الحد من التلوث البلاستيكي في البحر المتوسط، كما أقيم حفل توزيع الجوائز خلال المؤتمر الختامي.

جمع المؤتمر 60 من أصحاب المصلحة من 16 دولة، يمثلون نقاط الارتكاز في وزارات المياه والبيئة من البلدان الشريكة، ومسؤولي المفوضية الأوروبية من المديريات العامة لسياسة الجوار ومفاوضات التوسع والبيئة، والشركاء المؤسسيين للمشروع، لاسيّما الاتحاد من أجل المتوسط، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة/ خطة عمل البحر الأبيض المتوسط، فضلاً عن ممثلي المؤسسات الدولية والقطاع الخاص، والمنظمات غير الحكومية في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وعبر بيتروس فاريليديس، الأمين العام للبيئة الطبيعية والمياه، في وزارة البيئة والطاقة باليونان، عن التعاون المستمر بين الحكومة اليونانية والاتحاد الأوروبي حول المسائل البيئية والإنمائية، ورأى في مشروع دعم المياه والبيئة مثالاً ممتازاً على مشروع للاتحاد الأوروبي ناجح ومتوازن ومفيد لمصلحة دول جنوبي المتوسط غير الأوروبية، لكن مع أثر إيجابي للمنطقة للكل.

وأعلنت  ديونيسيا أفجيرينوبولو، رئيسة اللجنة البرلمانية المعنية بحماية البيئة في اليونان ونائب في البرلمان اليوناني، أنه ما من شك أن مشروع دعم المياه والبيئة لأجل بناء القدرات ودعم المؤسسات، قد شكل فارقاً في المتوسط، إذ أنه ساعد عدداً من أصحاب المصلحة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على تبادل الخبرات، وتعزيز مهاراتهم الريادية، لمواجهة المشاكل البيئية الكبرى والصعبة.

وقدم باتريك فيجيردت، مسؤول التعاون البيئي الثنائي والإقليمي بالمديرية العامة للبيئة في المفوضية الأوروبية، الشكر إلى فريق مشروع دعم المياه والبيئة على عمله في السنوات الماضية، وقال: «لقد تمكّن مشروع دعم المياه والبيئة من تطوير شبكة قائمة وتغذيتها لتبادل الأفكار والخبرات في منطقة المتوسط»، مشيراً إلى أن التحديات البيئية، مثل إدارة النفايات والتلوث وغيرها، تعتبر تحديات حقيقية ومتزايدة، وأضاف: «نثمن عمل الشبكة، لأنها تساعدنا في معالجة هذه المشاكل البيئية، إضافةً إلى المشاكل المالية الاجتماعية في المنطقة».

وركز فريديريك فورتون، مدير برنامج البيئة والمياه والتنوع البيولوجي، مدير عام المفوضية الأوروبية لسياسة الجوار الأوروبية ومفاوضات التوسع، على مدى صعوبة معالجة أي مشروع إقليمي لندرة المياه، والتلوث بسبب البلاستيك والقمامة البحرية في البلدان الشريكة الثمانية، وقال: «بالرغم من ذلك، تمكّن مشروع دعم المياه والبيئة من تنفيذ أنشطة أدت إلى نتائج هامة في مجالات بالغة الأهمية، على المستويَين المؤسسي والقانوني».

كما شدد ستافروس داميانيديس، مدير مشروع دعم المياه والبيئة، أنه بالرغم من التحديات، مثل ندرة المياه، والنمو السكاني، والتحضر، إلا أن المعارف المتراكمة، والتعاون بين أصحاب المصلحة في البلدان الشريكة، ساهمت مساهمة فعالة في معالجة المشاكل المتعلقة بمنع التلوث وكفاءة استخدام المياه.

وأقرت أليساندرا سينسي، رئيس قطاع البيئة والاقتصاد الأخضر والأزرق، في شعبة البيئة المائية والاقتصاد الأزرق في الاتحاد من أجل المتوسط، بحقيقة أن مشروع دعم المياه والبيئة قدم مساهمات كبيرة في وضع جدول الأعمال لمتوسط أكثر خضرةً لعام 2030 وتنفيذه، وقال: «لقد كان التعاون مميزاً بين مشروع دعم المياه والبيئة والاتحاد من أجل المتوسط، والسلطات الإقليمية والمحلية، على مسائل مثل الاقتصاد الأخضر الدائري، والقمامة البحرية، وغير ذلك من النُهج الشاملة المتعلقة بتعليم التنمية المستدامة، والترابط بين قطاعات المياه والطاقة والغذاء والبيئة».

كما أشارت أولفت حمدان، المسؤولة في إدارة برنامج تقييم ومراقبة التلوث البحري في منطقة البحر الأبيض المتوسط، برنامج الأمم المتحدة للبيئة، إلى أنّ مشروع دعم المياه والبيئة يدعم بشدة عمل برنامج البيئة في خطة عمل البحر الأبيض المتوسط، من خلال وضع أطر قانونية وفنية وإدارية لمنع التلوث، والاستخدام الفعال للمياه، وبالتالي تعزيز قدرة أصحاب المصلحة في منطقة البحر الأبيض المتوسط.

وشدد البروفيسور مايكل سكولوس، قائد فريق مشروع دعم المياه والبيئة، على أن نجاح المشروع تحقق من خلال التعاون الوثيق مع نقاط ارتكاز المشروع، وأصحاب المصلحة الرئيسيين، معرباً عن ثقته في أن تمديد المشروع، تحت اسم «مشروع دعم المياه والبيئة للتنوع البيولوجي والعمل المناخي» (WES-BCA)، خلال الفترة من 2025 حتى 2028، سيسمح لمجتمع المشروع بمعالجة أزمة الكوكب الثلاثية في البحر الأبيض المتوسط، والتي تتمثل في تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي والتلوث، بطرق أكثر فعالية.