حلول بيئية شاملة «قائمة على العلم» لإعادة المنطقة العربية إلى المسار الصحيح
تحت شعار «إعادة الأمل وإعلاء الطموح»، تنطلق أعمال المنتدى العربي للتنمية المستدامة لعام 2025، خلال الفترة من 14 إلى 16 أبريل، حيث يجمع المنتدى، الذي يعد بمثابة الآلية الإقليمية الرئيسية لمتابعة تنفيذ خطة التنمية المستدامة في المنطقة العربية، ممثلين عن حكومات الدول المختلفة، والعديد من الجهات المعنية بالتنمية المستدامة، لمناقشة سير العمل، واستعراض التجارب الوطنية والإقليمية.
يجرى تنظيم المنتدى العربي للتنمية المستدامة سنوياً في إطار الشراكة الوثيقة بين جامعة الدول العربية ومنظمات الأمم المتحدة العاملة في المنطقة العربية، وفي مقدمتها اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا «الإسكوا»، ويحمل المنتدى، بما يخلص إليه من نتائج، صوت المنطقة العربية إلى المنتدى السياسي الرفيع المستوى حول التنمية المستدامة، الذي يُعقد سنوياً في نيويورك.
وانطلاقاً من شعار دورة هذا العام «إعادة الأمل وإعلاء الطموح»، يتناول المنتدى حلولاً شاملة وقائمة على العلم والأدلة، لتعزيز خطة التنمية المستدامة لعام 2030، من خلال التركيز على 5 أهداف، من بين الأهداف الـ17 للتنمية المستدامة، والتي من المقرر استعراضها أمام المنتدى السياسي الرفيع المستوى لعام 2025، وهي الهدف الثالث الخاص بالصحة الجيدة، والهدف الخامس الذي يتعلق بالمساواة بين الجنسين، والهدف الثامن الذي يختص بالعمل اللائق والنمو الاقتصادي، إضافة إلى الهدف الـ14 الخاص بالحياة تحت الماء، والهدف الـ17 بشأن عقد الشراكات لتحقيق الأهداف.
ومن المتوقع أن تجري مختلف المناقشات في سياق ما تشهده المنطقة العربية من صراعات وأزمات، دفعت جهود التنمية المستدامة للخلف لعشرات السنين، حيث يهدف المنتدى إلى إعادة المنطقة العربية للمسار الصحيح، من خلال الاستعداد للفعاليات الرئيسية، يجري تنظيمها وفقاً لجدول الأعمال العالمي المتعدد الأطراف حول التنمية المستدامة، ومنها المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية، في إشبيلية بإسبانيا، خلال الفترة من 30 يونيو إلى 3 يوليو 2025، ومؤتمر القمة العالمي الثاني للتنمية الاجتماعية، في العاصمة القطرية الدوحة، في الفترة بين 4 و6 نوفمبر.
كما تتناول الجلسات تنفيذ «ميثاق المستقبل»، الذي تم اعتماده في مؤتمر القمة المعني بالمستقبل، الذي عقد في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية، على مدار يومي 22 و23 سبتمبر 2024، بالإضافة إلى مناقشة العمليات العالمية الجارية، التي تشمل استعراض التقدُّم المحرَز في تنفيذ «إعلان ومنهاج عمل بكين»، بعد 30 عاماً من اعتماده، وكذلك مؤتمر الأمم المتحدة للمحيطات لعام 2025.
وفي إطار الاجتماعات التحضيرية استعداداً للمنتدى العربي للتنمية المستدامة لعام 2025، شاركت الشبكة العربية للبيئة والتنمية «رائد» في الاجتماع التشاوري الإقليمي حول البعد البيئي لخطة عام 2030، الذي نظمته لجنة «الإسكوا»، بالتعاون مع جامعة الدول العربية، تحت عنوان «حلول بيئية شاملة قائمة على العلم لتعزيز تنفيذ أهداف التنمية المستدامة»، وتناول الاجتماع، الذي عقد في القاهرة، على مدار يومي 25 و26 فبراير، الحلول البيئية المبتكرة لمعالجة قضايا الفقر، وتحسين الصحة، وتحقيق المساواة بين الجنسين، وتحفيز النمو الاقتصادي المستدام، والحفاظ على النظم الإيكولوجية البحرية، وتعزيز الشراكات، مع الاستفادة من المبادرات والممارسات الإقليمية والوطنية.
تضمن الاجتماع التشاوري تسليط الضوء على الفرص المتاحة لتوسيع نطاق المبادرات الإقليمية والوطنية الناجحة، ودمجها في استراتيجيات التنمية الأوسع، كما حدد المشاركون في الاجتماع الأولويات والإجراءات ووسائل التنفيذ الإقليمية لتسريع تحقيق التقدم في تنفيذ أهداف التنمية المستدامة قيد المراجعة، وهي «الأهداف 3، و5، و8، و14، و17»، من خلال تشجيع النقاش حول حلول شاملة ومستدامة بيئياً وقائمة على العلم لتحقيق هذه الأهداف.
وأصدر المشاركون في الاجتماع وثيقة ختامية تتضمن مجموعة من الرسائل الرئيسية، تعكس وجهات النظر الإقليمية حول المسارات المختلفة اللازمة لتسريع تحقيق أهداف التنمية المستدامة من المنظور البيئي، مع التركيز على أهداف التنمية المستدامة التي تتم مراجعتها خلال المنتدى السياسي رفيع المستوى لعام 2025، على أن يتم تقديم هذه الوثيقة إلى مجلس الوزراء العرب المسؤولين عن شؤون البيئة، كما يتم نقل رسائلها الرئيسية إلى المنتدى السياسي رفيع المستوى، ضمن أولويات المنطقة.
تضمنت الرسائل الخاصة بالهدف الثالث حث الدول على تسريع التحول الرقمي والتكنولوجيا الحديثة والبحث العلمي في مجال الرعاية الصحية والبيئية، ودعوة الدول الخارجة من النزاعات، والدول المانحة، إلى الاستفادة من إعادة الإعمار، لتضمين البعد البيئي في السياسات الصحية، بالإضافة إلى تعزيز التعاون الإقليمي والدولي في مجال إدارة النفايات الإلكترونية، بما يشمل المؤسسات الحكومية، والقطاع الخاص، والمنظمات غير الحكومية.
وفيما يتعلق بالهدف الخامس، الخاص بالمساواة بين الجنسين، دعا المشاركون في الاجتماع التشاوري إلى تفعيل القوانين التي تضمن حقوق المرأة في العمل والملكية في إدارة الموارد الطبيعية كالزراعة، ودعم رائدات الأعمال في المشاريع البيئية، من خلال «مسرعات أعمال» مخصصة للنساء، لدعم الابتكار الأخضر والمشروعات المستدامة.
وبالنسبة للهدف الثامن، الخاص بالعمل اللائق، تتضمن الرسائل حث الدول العربية على تضمين ممارسات الاقتصاد الدائري والحلول القائمة على الطبيعة في التشريعات والسياسات والخطط الوطنية للتنمية المستدامة، وتعزيز الربط بين أصحاب الأفكار المبتكرة في مجال الانتقال إلى الاقتصاد الدائري، من الشباب خصوصاً، والمستثمرين، مما يسهم في تعزيز فرص التمويل، ودعم تنفيذ المشاريع الرائدة في هذا المجال، وإيجاد حلول مبتكرة لنتائج التحول إلى الوظائف الخضراء الجديدة، وإطلاق مناطق حرة للشركات الناشئة الخضراء، لدعم سلاسل التوريد الإقليمية، مع توفير حوافز تشمل الإعفاءات الجمركية والضريبية.
وفيما يتعلق بالهدف الـ14، دعت الرسائل الصادرة في ختام الاجتماع التشاوري، إلى حث البلدان العربية على الوفاء بالتزاماتها في الاتفاقات الدولية لحماية البيئة البحرية، وتبني آليات الاقتصاد الأزرق، وتعزيز دور المنظمات الإقليمية العاملة في مجالات البيئة البحرية، وتعزيز الوصول إلى البيانات ونتائج الأبحاث البحرية، عبر التعاون بين مراكز الأبحاث والجهات الحكومية والقطاع الخاص، مع توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي، وأدوات التحليل المتقدمة، لتحسين جمع البيانات ومعالجتها، فضلاً عن تعزيز التعاون الإقليمي، لتوثيق وتعميم المبادرات الناجحة في حماية البيئة البحرية والتنوع البيولوجي.
وبالنسبة للهدف الـ17، تضمنت الرسائل الدعوة إلى تحقيق اتساق وتناسق بين السياسات التنموية، وسياسات النظم الحيوية، وتعزيز القدرات الوطنية، وتوظيف التكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي في جمع وتحليل البيانات، لدعم الاستدامة البيئية، وتشجيع اعتماد أساليب التمويل المبتكرة القائمة على الاستدامة، مثل ائتمان الكربون، والمعايير البيئية والاجتماعية، والحوكمة، لدعم الحلول البيئية والمستدامة، بما يسهم في تسريع تحقيق أهداف التنمية المستدامة، والحفاظ على الموارد الطبيعية، والتخفيف من آثار تغير المناخ.