خلال مشاركته في ورشة عمل إقليمية حول الزراعة البيئية
المكتب العربي يدعو إلى بناء شبكة وطنية لتبادل المعرفة الزراعية المستدامة
في إطار جهودها المتواصلة لتعزيز مفاهيم التنمية المستدامة ودعم التحول نحو نظم غذائية صديقة للبيئة، شاركت جمعية «المكتب العربي للشباب والبيئة» في ورشة عمل إقليمية بعنوان «فهم الزراعة البيئية: من المزرعة إلى النظام الغذائي»، التي عُقدت بمقر «النادي السويسري» في القاهرة، بتنظيم مشترك بين مركز «سينرجيز» للدراسات الدولية والاستراتيجية، ومؤسسة «نوايا»، بمشاركة نخبة من الخبراء والباحثين وممثلي الجمعيات الأهلية وصنّاع القرار.

جاءت الورشة في ظل تصاعد التحديات البيئية والمناخية والاقتصادية التي تواجه النظم الزراعية في مصر والعالم، لتسلّط الضوء على أهمية التحول نحو الزراعة البيئية كمنهج يوازن بين الإنتاج الزراعي وحماية البيئة والموارد الطبيعية، وشارك ممثلو «المكتب العربي» في الجلسات الحوارية باعتبار أن الجمعية من أوائل الكيانات المدنية التي تبنت برامج متخصصة في الإدارة المستدامة للمخلفات الزراعية، وتمكين المرأة الريفية، ودعم المزارعين الشباب، في تطبيق الممارسات الزراعية المستدامة.
تضمنت الورشة مناقشة آليات تبادل المعرفة بين المزارعين والباحثين والمجتمع المدني، واستكشاف فرص إدماج الزراعة البيئية ضمن السياسات الوطنية، مع التركيز على دور المرأة، والتسويق، والإرشاد الرقمي، وإدارة المخلفات الزراعية، وفي هذا الإطار، أكد ممثلو الجمعية، خلال المناقشات، أن تبنّي مفهوم الزراعة البيئية لا يمكن أن يتحقق دون تغيير ثقافة الإنتاج والاستهلاك، وتعزيز الوعي لدى المزارعين والمستهلكين على السواء بأهمية النظم الغذائية المستدامة، وربطها بالأمن الغذائي والصحي للمجتمع.

تركزت المناقشات حول 4 محاور رئيسية، تمثل ركائز التحول إلى الزراعة البيئية، ويتمثل المحور الأول في إدارة المخلفات الزراعية، حيث تناولت الجلسة التحديات المرتبطة بارتفاع تكاليف النقل ونقص مواقع التسميد، مقابل فرص تطوير مبادرات محلية للتسميد العضوي، يمكن أن تتحول إلى مصدر دخل للمجتمعات الريفية، وقد استعرض ممثل «المكتب العربي» خبراته في مشروعات تحويل المخلفات إلى سماد عضوي في عدد من المحافظات، مما أسهم في تقليل الانبعاثات، وتحسين خصوبة التربة، وتوفير فرص عمل خضراء للشباب.
تناول المحور الثاني تسويق المنتجات الزراعية البيئية، حيث ركزت النقاشات على سبل تجاوز العقبات التي تواجه المزارعين في الوصول إلى الأسواق، مثل ضعف شبكات التسويق، وتوقف المشروعات بانتهاء التمويل، وفي هذا الصدد، أكدت الجمعية على ضرورة تفعيل التعاونيات الزراعية، وتطوير منصات رقمية تربط المنتجين بالمستهلكين مباشرةً، بما يضمن استمرارية المشروعات الصغيرة والمتوسطة في هذا المجال.
أما المحور الثالث فقد تناول دور المرأة الريفية، من خلال التأكيد على أهمية دور النساء في حفظ المعرفة الغذائية التقليدية، وتطوير نظم غذائية صحية محلية، ودعا «المكتب العربي» إلى توسيع نطاق مبادرات مطابخ المجتمع الريفية، ودمج الأغذية التقليدية في برامج التغذية المدرسية، إلى جانب تمكين النساء من استخدام التقنيات الحديثة في الإنتاج والتسويق.
تركز المحور الرابع لورشة العمل حول الإرشاد الرقمي، من خلال عرض أدوات التحول الرقمي في الزراعة، والتحديات المتمثلة في ضعف المحتوى المحلي، وصعوبة وصول المزارعين للتدريب المناسب، واقترح «المكتب العربي» إنشاء منصات تعليمية مرئية تربط المزارعين بالخبراء، مع توظيف التكنولوجيا منخفضة التكلفة في الإرشاد الحقلي، كما شددت الجمعية على مفهوم «الرقمنة» باعتبارها «ركيزة أساسية في تعزيز الاستدامة الزراعية».
وخلصت ورشة العمل إلى مجموعة من التوصيات، تتضمن دمج مبادئ الزراعة البيئية في برامج الإرشاد الزراعي الوطني والمناهج الأكاديمية، والتوسع في استخدام الأسمدة العضوية، وتشجيع نظم التسميد اللامركزي في القرى، بالإضافة إلى مراجعة القوانين المنظمة للتعاونيات الزراعية، لتمكينها من أداء دور أكبر في التسويق الجماعي، فضلاً عن إنشاء منصة رقمية وطنية لتبادل المعرفة الزراعية، تشمل مكتبة مفتوحة، ومقاطع فيديو تعليمية، وتجارب ناجحة من المزارعين، كما تضمنت التوصيات دعم مشروعات المرأة الريفية في الإنتاج الغذائي المنزلي، وإطلاق حملات توعية وطنية بالأطعمة التقليدية، وتشجيع الممارسات الزراعية التي تحافظ على التنوع البيولوجي.
وفي ختام الورشة، اتفق المشاركون على المضي قدماً في تأسيس «الشبكة المصرية للزراعة البيئية»، بحيث يتم تسجيلها قانونياً كاتحاد يضم الجمعيات والمؤسسات البحثية والمجتمع المدني، لتكون منصة لتبادل الخبرات والممارسات الناجحة، وأكدت جمعية المكتب العربي للشباب والبيئة استعدادها للمساهمة في صياغة الهيكل التنظيمي للشبكة، وتقديم خبراتها في مجالات بناء القدرات والمناصرة البيئية، وإدارة المشروعات الريفية.