الالتزام بمبادئ إعلان ريو وخطة بالي ورفض التزامات إجبارية على الدول النامية

تتعامل مصر مع قضية التغيرات المناخية باهتمام كبير، وتدرس تطوراتها على مصر أولاً، ثم على المنطقة وعلى مختلف دول العالم، ولأن مصر من الدول النامية المتأثرة بظاهرة التغيرات المناخية، فإن سياستها في هذا الملف تتجه لرفض أي التزامات إجبارية على الدول النامية لمواجهة أثار هذه الظاهرة.

ويؤكد الموقف المصري، إزاء مفاوضات تغير المناخ، على مبادئ «إعلان ريو دي جانيرو»، و«خطة عمل بالي»، فيما يتعلق بالمسئولية المشتركة والمتباينة بين الدول المتقدمة والنامية، وفيما يتعلق بمسؤولية الجهات المعنية بالتلوث في تحمل التكلفة، والتأكيد على الدول المتقدمة للوفاء بالتزاماتها لنقل التكنولوجيا والتمويل وبناء القدرات للدول النامية، وعدم التنصل من هذه الالتزامات.

ورغم أن مصر تُعد من أكثر الدول المعرضة للمخاطر الناتجة عن تأثيرات التغيرات المناخية ، إلا أنها من أقل دول العالم إسهاماً في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، بنسبة 0.6% من إجمالي انبعاثات العالم، طبقا للبيانات الواردة بالإبلاغ الوطني الأخير حول حجم انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، والذي جاء في إطار التزام مصر بتنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ، التي وقعت عليها عام ‏1994، وكذلك «بروتوكول كيوتو»، الذي صادقت عليه عام ‏2005.

‏وخلال أعمال قمة المناخ في باريس 2016، أشار الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى مخاطر زيادة درجة حرارة الأرض بأكثر من 1.5 درجة مئوية، مطالباً باتفاق عادل وواضح فيما يتعلق بالحفاظ على المناخ، وضرورة التوصل لاتفاق دولي يضمن تحقيق هدف عالمي يحد من الانبعاثات الضارة، كما طالب المجتمع الدولي بدعم جهود مصر في مساهماتها الطموحة لمواجهة التغير المناخي، والتركيز على الدول النامية، وتوفير 100 مليار دولار سنوياً حتى عام 2020، على أن يتم مضاعفة المبلغ بعد ذلك.

ووقعت مصر على «اتفاق باريس»، ضمن 194 دولة، وكان من أهم بنود الاتفاق، تعهد المجتمع الدولي بحصر ارتفاع درجة حرارة الأرض بأقل من درجتين مئويتين قياساً بعصر ما قبل الثورة الصناعية، ومتابعة الجهود لوقف ارتفاع الحرارة عند 1.5 درجة مئوية، والسعي لتقليص انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، واتخاذ إجراءات للحد من استهلاك الطاقة، والاستثمار فى الطاقات البديلة، وإعادة تشجير الغابات، بالإضافة إلى السعي لوضع آلية مراجعة كل 5 سنوات للتعهدات الوطنية.

وعلى الصعيد المحلي، اهتمت الدورات المتعاقبة لمنتدى الشباب، في شرم الشيخ، بمستقبل تغير المناخ في العالم وتأثيره على مصر، حيث عرضت وزارة البيئة المشاريع التي تم إنجازها منذ  قمة باريس للمناخ، ومنها مشروع استبدال وسائل النقل القديمة بأخرى حديثة تعمل بالغاز الطبيعي، بالإضافة إلى التوسع في استخدامات الطاقة الجديدة والمتجددة، واستحداث جهاز حكومي لإدارة المخلفات.

ووفق بيانات رسمية، فإن معدلات استخدام مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة ارتفعت خلال العام الجاري 2022، لتصل إلى نسبة 20% من إجمالي مصادر إنتاج الكهرباء في مصر، ومن المخطط زيادتها إلى نسبة 42% بحلول عام 2035.

كما تأتي مشروعات شبكة الطرق الجديدة، وإنشاء العاصمة الإدارية الجديدة، ومشروع استصلاح وزراعة 1.5 مليون فدان، إضافة إلى العديد من المشروعات الأخرى، التي يجري تنفيذها لحماية سواحل الدلتا من أثار تقلبات المناخ، تأتي جميعها في إطار تعزيز قدرة مصر على التكيف والصمود وتخفيف التداعيات الناجمة عن التغيرات المناخية.

التوافق مع الموقفين الأفريقي والعربي

أن قضية التكيف مع الآثار السلبية للتغيرات المناخية ومواجهة تلك المخاطر هي الأولوية الاولى والتى يجب أن تحظى باهتمام دولي كاف لتوفير الدعم من الدول المتقدمة (مالي/ فني/ تكنولوجي) وفقاً لأحكام ومبادئ الاتفاقية الاطارية لتغير المناخ، وكذلك المواد المختصة في اتفاق باريس، حتى تتمكن الدول النامية من مواجهة أخطار تغير المناخ، حيث أنها الأكثر تعرضاً لتلك المخاطر.

أن النظام الدولي للتعامل مع تحديات ظاهرة تغير المناخ يقوم على اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ وبروتوكول كيوتو التابع لها، بما يحتويان من مبادئ وأحكام قانونية ملزمة وبصفة خاصة المواد 3 و4 من الاتفاقية، التي تعكس أسس التعاون الدولي في هذا المجال، وعلى رأسها: مبدأ المسئولية المشتركة مع تباين الأعباء وتفاوت القدرات، والعدالة، والمسئولية التاريخية عن تراكم الانبعاثات في الغلاف الجوي، وأولوية تحقيق التنمية المستدامة والقضاء على الفقر في الدول النامية، بما يتوافق مع أولوياتها واستراتيجياتها الوطنية.

أن هدف المفاوضات الدولية القائمة حول تغير المناخ هو التنفيذ الكامل والفعال والمستدام للاتفاقية وملحقاتها (بروتوكول كيوتو واتفاق باريس) وخطة عمل بالي، وتفعيل قرارات مؤتمرات أطراف اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ.

إن جهود الخفض لغازات الاحتباس الحرارى المطلوبة من الدول النامية يجب أن تأتى في إطار طوعي غير إلزامي، وترتبط بتوافر الدعم المالي والتكنولوجي وبناء القدرات المقدم من الدول المتقدمة، نظراً لعدم مسئولية الدول النامية عن هذه الانبعاثات، على الرغم من ذلك فتلك الدول الأكثر تضرراً من ظاهرة تغير المناخ.

ضرورة قيام الدول المتقدمة بأخذ زمام القيادة في التزامات التخفيف، انطلاقاً من مبادئ المسئولية التاريخية للدول المتقدمة عن هذه الانبعاثات، وبالتالي يجب على الدول المتقدمة تنفيذ التزاماتها لما قبل عام 2020 من حيث قيام أطراف فترة الالتزام الثانية في بروتوكول كيوتو سرعة التصديق عليها وزيادة مستوي التزامات الخفض بما يتفق والتوصيات العملية، كما يجب علي الدول المتقدمة غير الأطراف في بروتوكول كيوتو أو غير الأطراف في فترة الالتزام الثانية اتخاذ التزامات خفض قابلة للمقارنة، بما يحافظ على ارتفاع مستوى درجة الحرارة دون مستوى الدرجتين المئويتين، وفقاً للتقارير العلمية الصادرة عن الجهات الدولية في هذا الشأن، والوفاء بالتزاماتها المالية بتوفير نحو 100 مليار دولار بحلول 2020.

ضرورة قيام الدول المتقدمة بتنفيذ التزاماتها حيال توفير الدعم المالي والتقني (نقل التكنولوجيا) والفني (بناء القدرات الوطنية) للدول النامية، حتى تتمكن من مواجهة الظاهرة من ناحية، وكذلك المساهمة في جهود خفض غازات الاحتباس الحراري من خلال استخدام التكنولوجيا المتقدمة والطاقة النظيفة، والتي تتكلف مبالغ لا تستطيع موازنات الدول النامية تحملها دون مساعدة.

تحقيق التوازن بين التمويل المخصص لبرامج كل من التكيف مع الآثار السلبية لتغير المناخ وتدابير الاستجابة، والإجراءات الطوعية للتخفيف الملائمة وطنياً وفقاً لخطط التنمية المستدامة والأولويات الوطنية، وألا يكون الإنفاق علي التكيف والتخفيف على حساب التمويل المخصص لجهود مكافحة الفقر وتحقيق التنمية للدول النامية.

أن يكون التمويل من الدول المتقدمة للدول النامية جديداً وإضافياً وقابل للتنبؤ به، وأن يكون مصدر التمويل من الدول المتقدمة بصورة رئيسية مصدراً حكومياً، مع النظر في الاستفادة من مصادر تمويل إضافية مثل القطاع الخاص وغيره.

الاتفاق على حلول عملية لضمان ألا تكون حقوق الملكية الفكرية عائقاً أمام نقل وتوطين التكنولوجيا بالدول النامية.

أن الهدف من اتفاق باريس هو التنفيذ الفعال والكامل والمستدام للاتفاقية الإطارية لتغير المناخ، بما تحويه من أحكام ومبادئ، وأهمها المسئولية المشتركة مع تباين الأعباء وتفاوت القدرات، وحق الدول النامية في تحقيق التنمية المستدامة والقضاء علي الفقر.

أن تقديم خطة المساهمات الوطنية يجب أن تراعي الظروف الوطنية للدول النامية وطموحات التنمية فيها، على أن تتضمن هذه المساهمات كافة العناصر من تكيف وتخفيف ووسائل تنفيذ.

أن جهود الخفض لغازات الاحتباس الحراري التي تمت في الدول النامية سابقاً، يجب أن يتم احتسابها من حصة هذه الدول مستقبلاً، نظراً لتحققها بالفعل في خفض هذه الغازات، ويشمل ذلك أيضاً الخفض الذي تحقق من خلال آلية التنمية النظيفة، ولاسيما تلك المشروعات الممولة بمشاركة الدول النامية من الناحية التمويلية أو التنفيذية.

أن أية رؤى مستقبلية لموضوعات تغير المناخ يجب أن تأخذ في اعتبارها أهمية إنشاء آلية دائمة لتدابير الاستجابة، باعتبارها آلية معتمدة لتعويض الدول المتضررة من الإجراءات المتخذة من الدول الأخرى لمعالجة الآثار السلبية للتغيرات المناخية، سواء كانت تلك الإجراءات تهدف إلى التخفيف أو التكيف.

أن تناول قضية الزراعة يتحتم أن يأتي في مسار التكيف مع الآثار السلبية للتغيرات المناخية، ورفض أن يتم تناول هذه القضية في إطار الحد من الانبعاثات (التخفيف)، بما له من تأثير مباشر على طموحات زيادة الرقعة الزراعية مستقبلاً.