تُعد منطقة البحر الأبيض المتوسط من أكثر المناطق التي تعاني الجفاف في العالم، وعلى الرغم من أن المنطقة تمتلك 3% فقط من موارد المياه العالمية، إلا أنها تستضيف أكثر من 50% من فقراء المياه في جميع أنحاء العالم، أي حوالي 180 مليون شخص، وفقاً لأحدث تقديرات منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة «الفاو» مطلع العام الجاري.

وتؤدي الضغوط المتزايدة التي من صنع الإنسان، مثل النمو السكاني، والتوسع الحضري، والزراعة كثيفة الاستخدام للمياه، والسياحة، وغيرها من الصناعات، إلى جانب سوء الاستخدام، إلى زيادة الطلب على المياه، بحيث لا تكفي الحلول التقنية وحدها، الأمر الذي يفرض الحاجة إلى «ثقافة مياه جديدة» من المواطنين المهتمين، الذين يستجيبون بشكل إيجابي، من خلال توفير المياه والحفاظ عليها نظيفة، وفي اعتماد حلول عملية و«خضراء» وفعالة من حيث التكلفة.

وبهدف نشر هذه الثقافة المائية الجديدة، ينظم مشروع دعم المياه والبيئة (WES)، الذي يتم تمويله من قبل الاتحاد الأوروبي، نشاطاً إقليمياً يسعى لتقديم المساعدة الفنية، وتعزيز قدرات البلدان الشريكة في المشروع، من أجل تنفيذ فعال للتعليم المتعلق بالمياه من أجل التنمية مستدامة (ESD)، من خلال التركيز على إعادة استخدام مياه الصرف الصحي بعد المعالجة المناسبة، واستخدام موارد المياه غير التقليدية، مثل الري، وإعادة تغذية الخزان الجوفي، واستخدام مياه الأمطار المجمعة في المباني والملاعب والمطارات لغايات الاستخدامات الحضرية في المنتزهات والحدائق، أو تنظيف الطرق، وإعادة استخدام المياه الرمادية في المراحيض، وما إلى ذلك.

وتم بالفعل تنظيم أول ورشة عمل تدريبية، عبر الإنترنت، على مدى 3 ساعات، في 23 فبراير 2022، بمشاركة أكثر من 50 إدارياً من وزارت التربية والتعليم والمياه والبيئة والمناخ، إضافةً إلى المدربين والمدرسين والمنظمات غير الحكومية، ومن المقرر أن يواصل المشاركون استكمال تدريبهم عبر الإنترنت، من خلال ورشة ثانية لمدة 3 ساعات، في 9 مارس 2022.

ومن خلال هذا التدريب الإقليمي، من المتوقع أن يتمكن المشاركون من زيادة معارفهم وقدراتهم في تصميم وتنفيذ التعليم المتعلق بالمياه نحو تعليم من أجل تنمية مستدامة، مع التركيز على إعادة استخدام المياه المعالجة من خلال محطات معالجة المياه بشكل مناسب، واستخدام الموارد المائية غير التقليدية، كما يساعد البرنامج التدريبي في تعزيز قدرات المتدربين على تنفيذ مناهج تعليمية تركز على المتعلم، ومناهج تربوية تشاركية ضمن المساقات والسياقات التعليمية التي يتبنوها نحو تنمية مستدامة تتعلق بالمياه في بلدانهم.

وكذلك من المتوقع أن يتمكن المشاركون في البرنامج التدريبي من التعرف على كيفية قيام تطبيقات معالجة المياه العادمة وموارد المياه غير التقليدية في المدارس والمؤسسات الأخرى، جنباً إلى جنب مع التعلم المتعلق بالتنمية المستدامة المناسب، وإمكانية تحويل المؤسسة التعليمية إلى مختبر تعليمي من أجل الاستدامة، أو ما يُعرف بـ«نهج المؤسسة الكلي والمتكامل».

ويُعد التعليم من أجل تنمية مستدامة هو نظام متداخل ومتعدد التخصصات، يُمثل عملية وشكل من التعليم، الذي تم الاعتراف به كأساس للوصول إلى تحقيق جميع أهداف التنمية المستدامة، كما أن التركيز على توفير التعليم والثقافة المائية هو الأداة الإدارية الضرورية والقوية لتحقيق الأمن المائي والتنمية المستدامة.

يهدف مشروع دعم المياه والبيئة، الذي يتم تنفيذه بتمويل من الاتحاد الأوروبي، بمشاركة الشبكة العربية للبيئة والتنمية (رائد)، إلى حماية البيئة وتحسين إدارة موارد المياه الشحيحة في البحر الأبيض المتوسط، ويعالج المشروع المشاكل المتعلقة بمنع التلوث، وكفاءة استخدام المياه، وبدأت أنشطة المشروع في مايو 2019، ومن المقرر أن تنتهي في مايو 2023، بميزانية إجمالية تبلغ 7.9 مليون يورو.