أعلنت الأمانة التنفيذية لاتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي عن 10 مبادرات عالمية لاستعادة النظم الإيكولوجية، وذلك خلال أعمال مؤتمر أطراف الاتفاقية (COP15) المنعقد حالياً في مدينة مونتريال بكندا، ضمن الجهود الدولية لصنع السلام مع الطبيعة، وتمتد هذه المبادرات عبر 23 دولة.
جاء الكشف عن هذه المبادرات خلال احتفالية خاصة، على هامش مؤتمر التنوع البيولوجي، بحضور كل من إنجر أندرسن، المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، وماريا هيلينا سيميدو، نائب المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة «الفاو»، إضافة إلى عدد من سفراء برنامج الأمم المتحدة للبيئة.


تمّ اختيار هذه المبادرات تحت شعار «عقد الأمم المتحدة لاستعادة النظام الإيكولوجي»، على أن يتمّ اعتبارها برامج رئيسية عالمية للأمم المتحدة، في مجال إصلاح النظم الطبيعية، مؤهلة لتلقي الدعم من الأمم المتحدة، سواء في أعمال الترويج أو المشورة أو التمويل.
تهدف المبادرات العشرة مجتمعة إلى استعادة أكثر من 68 مليون هكتار، حوالي 680 ألف كيلومتر مربع، من النظم الطبيعية، أي أكبر من مساحة فرنسا، بالإضافة إلى توفير ما يزيد على 15 مليون فرصة عمل، وتم تكريم المبادرات العشرة من قبل منظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة.
وقالت المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، خلال الاحتفالية الخاصة لتكريم المبادرات العشرة لاستعادة النظم الطبيعية، إن «تحويل علاقتنا مع الطبيعة، هو المفتاح لعكس الأزمة الثلاثية للكوكب، المتمثلة في تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي، والتلوث والنفايات».
وأضافت «أندرسن»، وفق بيان تلقته «الوطن» قبل قليل، أن هذه المبادرات تظهر أنه «من خلال الإرادة السياسية والعلم والتعاون عبر الحدود، يمكننا تحقيق أهداف عقد الأمم المتحدة لاستعادة النظام البيئي، وصياغة مستقبل أكثر استدامة».


من جانبه، قال شو دونيو، مدير عام منظمة الأغذية والزراعة، إنه «يمكننا من خلال الاستلهام من هذه المبادرات الرائدة، أن نتعلم استعادة أنظمتنا البيئية، من أجل إنتاج أفضل، وتغذية أفضل، وبيئة أفضل، وحياة أفضل للجميع، دون ترك أي شخص يتخلف عن الركب»، والمبادرات العشرة هي:
1- ميثاق الغابات الأطلسي الثلاثي
غطت الغابة الأطلسية ذات يوم رقعة تمتد من البرازيل وباراغواي والأرجنتين، لكنها تحولت إلى أجزاء، نسبة لقرون من قطع الأشجار والتوسع الزراعي وبناء المدن، وتنشط مئات المنظمات، في الجهود المبذولة منذ عقود، لحماية الغابات واستعادتها في البلدان الثلاثة.
تعمل هذه المبادرة على إنشاء ممرات للحياة البرية للأنواع المهددة بالانقراض، وتأمين إمدادات المياه للناس والطبيعة، وبناء القدرة على التكيف مع تغير المناخ، وتوفير آلاف الوظائف، وبالفعل تمت استعادة حوالي 700 ألف هكتار من هدف عام 2030، وهو مليون هكتار، وهدف 2050، المتمثل في 15 مليون هكتار.
2- مبادرة أبو ظبي للترميم البحري
تقدم الجهود المبذولة لحماية وإصلاح النظم البيئية على طول ساحل أبو ظبي، في دولة الإمارات العربية المتحدة، أملاً جديداً لحيوانات «الأطوم»، حيث أعلن العلماء أن الثدييات البحرية النادرة انقرضت وظيفياً في مياه الصين هذا الأسبوع.
يقول الخبراء إن خطة أبوظبي لإصلاح 12 ألف هكتار أخرى من غابات المانجروف والشعاب المرجانية ومروج الأعشاب البحرية، يمكن أن توفر فترة الراحة اللازمة لما يعتقد أنه ثاني أكبر مجموعة من الثدييات آكلة الأعشاب الوحيدة في المحيط.
وبينما تستفيد السلاحف البحرية والمجتمعات المحلية أيضاً من أنشطة المبادرة لإنعاش مصايد الأسماك والسياحة، فقد تم بالفعل استعادة حوالي 7500 هكتار من المناطق الساحلية، مع 4500 هكتار أخرى قيد الاستعادة لعام 2030.
3- الجدار الأخضر العظيم في أفريقيا
الجدار الأخضر العظيم هو مبادرة طموحة لاستعادة السافانا والأراضي العشبية والمزارع في جميع أنحاء أفريقيا، لمساعدة الأسر والتنوع البيولوجي على التكيف مع تغير المناخ، ومنع التصحر من تهديد المجتمعات الضعيفة بالفعل.
وأطلق الاتحاد الأفريقي هذه المبادرة الرائدة في عام 2007، وتسعى إلى تغيير حياة الملايين في منطقة الساحل، من خلال إنشاء حزام من المناظر الطبيعية الخضراء والمنتجة، عبر 11 دولة.
4- تجديد شباب نهر «الجانج»
إن استعادة صحة نهر «الجانج»، وهو النهر المقدس لدى كثير من الهنود، هو محور حملة كبيرة لخفض التلوث، وإعادة بناء الغطاء النباتي على جانبي النهر، وتحقيق مجموعة واسعة من الفوائد لأكثر من 520 مليون شخص، يعيشون حول حوض النهر الشاسع.
وتصل استثمارات الحكومة الهندية، حتى الآن، إلى 4.25 مليار دولار، وتشارك نحو 230 منظمة في تنفيذ هذه المبادرة، وتم بالفعل استعادة 1500 كيلومتر من النهر، بالإضافة إلى ذلك، تمت زراعة 30 ألف هكتار من الأشجار صمن هدف عام 2030، الذي يتمثل في استعادة 134 ألف هكتار.
5- مبادرة الجبال متعددة البلدان
تواجه المناطق الجبلية تحديات فريدة في مختلف أنحاء العالم، حيث يؤدي تغير المناخ إلى ذوبان الأنهار الجليدية، وتآكل التربة، ودفع الأنواع نحو الانقراض، وأصبحت المياه التي توفرها الجبال للمزارع والمدن في مناطق السهول مهددة وغير موثوقة.
تُظهر المبادرة، التي يجري تنفيذها في كل من صربيا وقيرغيزستان وأوغندا ورواندا، كيف تستخدم المشاريع في ثلاث مناطق متنوعة، لجعل النظم الإيكولوجية الجبلية أكثر مرونة، حتى تتمكن من دعم حياتها البرية الفريدة، وتقديم فوائد حيوية للناس.
6- حملة استعادة الدول الجزرية الصغيرة
مع التركيز على ثلاث دول نامية جزرية صغيرة، فانواتو وسانت لوسيا وجزر القمر، تعمل هذه المبادرة الرائدة على توسيع نطاق استعادة النظم الإيكولوجية الفريدة من التلال إلى الشعاب، والاستفادة من النمو الاقتصادي الأزرق، لمساعدة مجتمعات الجزر على التعافي من جائحة «كـوفيد-19».
7- مبادرة الحفاظ على «ألتين دالا»
مثل العديد من الأراضي العشبية في جميع أنحاء العالم، فإن سهول آسيا الوسطى الشاسعة في حالة تدهور متزايد، بسبب الكثير من العوامل البشرية، مثل الرعي الجائر، والتحول إلى الأراضي الصالحة للزراعة، وتغير المناخ.
في كازاخستان، تعمل مبادرة الحفاظ على «ألتين دالا» منذ عام 2005، على استعادة النظم البيئية الصحراوية وشبه الصحراوية، ضمن النطاق التاريخي لظباء «السايجا»، وهي ظباء كانت متوفرة في يوم من الأيام، وهي معرضة بشدة لخطر الصيد، وفقدان الموائل.
8- ممر أمريكا الوسطى الجاف
تتعرض النظم البيئية وشعوب الممر الجاف لأمريكا الوسطى لموجات الحر والأمطار، التي لا يمكن التنبؤ بها، وهي معرضة بشكل خاص لتغير المناخ، وفي عام 2019، تركت موجة شديدة من الجفاف، استمرت لنحو 5 سنوات، أكثر من 1.2 مليون شخص في المنطقة بحاجة إلى مساعدات غذائية.
ويعتبر استغلال طرق الزراعة التقليدية لزيادة إنتاجية المساحات، بما في ذلك تنوعها البيولوجي، في صميم هذه المبادرة، التي تغطي 6 بلدان، تشمل كوستاريكا والسلفادور وغواتيمالا وهندوراس ونيكاراغوا وبنما.
9- البناء مع الطبيعة في إندونيسيا
يعاني «ديماك»، وهو مجتمع ساحلي منخفض في جزيرة «جاوة» الرئيسية في إندونيسيا، من التعرية والفيضانات وفقدان الأراضي، بسبب إزالة أشجار المانجروف، من أجل أحواض تربية الأحياء المائية، وهبوط الأرض، والبنية التحتية.
وبدلاً من إعادة زراعة أشجار المانجروف، قامت المبادرة المبتكرة هذه ببناء هياكل شبيهة بالسياج بمواد طبيعية، على طول الشاطئ، لتهدئة الأمواج، وحبس الرواسب، مما ساعد في توافر ظروف ملائمة لانتعاش أشجار المانجروف بشكل طبيعي.
10- مبادرة «شان شوي» في الصين
تجمع هذه المبادرة الطموحة 75 مشروعاً واسع النطاق، لاستعادة النظم البيئية، من الجبال إلى مصبات الأنهار الساحلية، عبر أكثر دول العالم اكتظاظا بالسكان، وتم إطلاق المبادرة في عام 2016، وهي نتاج نهج منظم للاستعادة، بحيث تتوافق مع الخطط الوطنية، وتسعى إلى تعزيز الصناعات المحلية المتعددة، في إطار تحقيق أهداف حماية التنوع البيولوجي.
تتضمن المشروعات، التي يجري تنفيذها ضمن المبادرة، مشروعاً لدمج المعرفة العلمية مع طرق الزراعة التقليدية، مثل المدرجات المنحدرة، والجمع بين المحاصيل وتربية الأسماك والبط، لجعل استخدام الأراضي أكثر استدامة.